بضميرها، أو بالألف واللام ومن هنا قيل: «لَنْ يَغْلِبَ عُسرٌ يُسرَيْنِ».
وقال الزمخشريُّ أيضاً فإن قلت: «إن» مَعَ «للصحبة، فما معنى اصطحاب اليسر والعسر؟ قلت: أراد أن الله - تعالى - يصيبهم بيسر بعد العسر الذي كانوا فيه بزمان قريب، فقرب اليسر المترقب، حتى جعله كالمقارن للعسر زيادة في التسلية، وتقوية للقلوب.
وقال أيضاً فإن قلت: فما معنى هذا التنكير؟.
قلت: التفخيم كأنه قيل: إنّ مع العسر يسراً عظيماً، وأي يسر، وهو في مصحف ابن مسعود مرة واحدة.
فإن قلت: فإذا أثبت في قراءته غير مكرر فلم قال: والذي نفسي بيده لو كان العسر في حجر لطلبه اليسر، حتى يدخل عليه، إنه لن يغلب عسر يسرين؟.
قلت: كأنه قصد اليسرين، وأما في قوله:» يُسْراً «من معنى التفخيم، فتأوله بيسر الدَّارين، وذلك يسران في الحقيقة.
فصل في تعلق هذه الآية بما قبلها
تعلق هذه الآية بما قبلها أن الله تعالى بعث نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فعيَّره المشركون بفقره، حتى قالوا له: نجمع لك مالاً، فاغتنم لذلك، وظن أنهم إنما رغبوا عن الإسلام لكونه فقيراً حقيراً عندهم، فعدد الله - تعالى - عليه منته بقوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ﴾، أي: ما كنت فيه من أمر الجاهلية، ثم وعده بالغنى في الدنيا ليزيل في قلبه ما حصل فيه من التأذي، بكونهم عيَّروه بالفقر، فقال تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ العسر يُسْراً﴾ فعطفه بالفاء أي: لا يحزنك ما عيروك به في الفقر، فإن ذلك يسراً عاجلاً في الدنيا فأنجز له ما وعده، فلم يمت، حتى فتح عليه» الحجاز «، و» اليمن «ووسع عليه ذات يده، حتَّى كان يعطي الرجل المائتين من الإبل، ويهب الهبات السنية، وترك لأهله قوت سنته، وهذا وإن كان خاصاً بالنبي - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - فقد يدخل فيه بعض أمته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إن شاء الله تعالى، ثم ابتدأ فصلاً آخر من أمر الآخرة، فقال:
﴿إِنَّ مَعَ العسر يُسْراً﴾ فهذا شيء آخر، والدليل على ابتدائه، تعديه من فاء، وواو، وغيرهما من حروف النسق التي تدخل على العطف، فهذا عام لجميع للمؤمنين، ﴿إِنَّ مَعَ العسر يُسْراً﴾ للمؤمنين يسراً في الآخرة لا محالة، وربما اجتمع يسرُ الدنيا، ويسرُ الآخرة.