على وجهه، وخلق هو مستوياً، وله لسان ذلق ويد وأصابع يقبض بها.
قال ابن العربي: ليس لله - تعالى - خلق أحسن من الإنسان، فإن الله خلقه حياً، عالماً، قادراً، مريداً، متكلماً، سميعاً، بصيراً، مدبراً، حكيماً، وهذه صفات الرب سبحانه، وعنها عبر بعض العلماء، ووقع البيان بقوله: إن الله خلق آدم عليه السلام على صورته يعني: على صفاته التي قدمنا ذكرها، وفي رواية «عَلَى صُورةِ الرَّحْمَن» ومن أين تكون للرحمن صورة مشخصة، فلم يبق إلا أن تكون معاني.
روي أن عيسى بن موسى الهاشمي، كان يحبُّ زوجته حبًّا شديداً، فقال لها يوماً: أنت طالقٌ ثلاثاً إنْ لم تكوني أحسن من القمر، فنهضت واحتجبت عنه، وقالت: طلقتني، وبات بليلة عظيمة، فلما أصبح غدا إلى دار المنصور، فأخبره الخبر، وأظهر للمنصور جزعاً عظيماً، فاستحضر الفقهاء واستفتاهم، فقال جميع من حضر: قد طلقت إلا رجلاً واحداً من أصحاب أبي حنيفة، فإنه كان ساكتاً، فقال له المنصور: ما لك لا تتكلم؟.
فقال له الرجل: بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿والتين والزيتون وَطُورِ سِينِينَ وهذا البلد الأمين لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾، يا أمير المؤمنين، فالإنسان أحسنُ الأشياء، ولا شيء أحسن منه، فقال المنصور لعيسى بن موسى: الأمر كما قال الرجل، فأقبل على زوجتك، وأرسل أبو جعفر المنصور إلى زوجة الرجل أن أطيعي زوجك ولا تعصيه، فما طلقك.
فهذا يدلك على أنَّ الإنسان أحسن خلق الله تعالى باطناً وظاهراً، جمال هيئة، وبديع تركيب، الرأس بما فيه، والبطن بما حواه، والفَرْج وما طواه، واليدان وما بطشتاه، والرجلان وما احتملتاه، ولذلك قالت الفلاسفة: إنه العالم الأصغر؛ إذ كل ما في المخلوقات أجمع فيه.
قوله: ﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾. يجوز في «أسْفلَ سافِلينَ» وجهان:
أحدهما: أنه حال من المفعول.
والثاني: أنه صفة لمكان محذوف، أي: مكاناً أسفل سافلين.
وقرأ عبد الله: «السَّافلين» معرفاً.

فصل


قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: يريد إلى أرذل العمر، وهوالهرم بعد الشباب والضعف بعد القوة. [وقال ابن قتيبة السافلون هم الضعفاء الزمناء، ومن لم يستطع


الصفحة التالية
Icon