الثاني: أن الباء مزيدة، والتقدير: اقرأ باسم ربك، كقوله: [البسيط]
٥٢٥٤ -............................... سُودُ المَحاجرِ لا يَقْرأنَ بالسُّورِ
قيل: الاسم فضلة أي اذكر ربك، قالهما أبو عبيدة.
الثالث: أن الباء للاستعانة، والمفعول محذوف، تقديره: اقرأ ما يوحى إليك مستعيناً باسم ربِّك.
الرابع: أنها بمعنى «عَلَى»، أي: اقرأ على اسم ربِّك، كما في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ اركبوا فِيهَا بِسْمِ الله﴾ [هود: ٤١]، قاله الأخفش.
[وقد تقدم في أول الكتاب كيف هذا الفعل على الجار والمجرور، وقدر متأخراً في «بسم الله الرحمن الرحيم» وتخريج الناس له، فأغنى عن الإعادة].

فصل


قال أكثرُ المفسرين: هذه السورة أول ما نزل من القرآنِ، نزل بها جبريل عليه السلام على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهو قائم على «حِرَاء»، فعلمه خمس آياتٍ من هذه السورة.
وقال جابر بن عبد الله: أول ما نزل: ﴿يا أيها المدثر﴾ [المدثر: ١].
وقال أبو ميسرة الهمذاني: أول ما نزل فاتحة الكتاب.
وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: أول ما نزل من القرآن: ﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ [الأنعام: ١٥١].
قال القرطبيُّ: «الصحيح الأول».
قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها -: أول ما بدئ به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ الرؤيا الصادقة، فجاءه الملك، فقال: ﴿اقرأ باسم رَبِّكَ الذي خَلَقَ﴾، خرجه البخاري.
وروت عائشةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها - أنها أول سورة نزلت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثم بعدها «ن، والقلم» ثم بعدها ﴿يا أيها المدثر﴾ [المدثر: ١]، ثم بعدها «والضُّحَى»، ذكره الماوردي.
ومعنى قوله: «اقْرَأ» أي: ما أنزل عليك من القرآن مفتتحاً باسم ربك وهو أن تذكر التسمية في ابتداء كلِّ سورةٍ، أو اقرأ على اسم ربِّك، على ما تقدم من الإعراب.


الصفحة التالية
Icon