وقال أبو بكر الوراق: كان ملك سليمان - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - خمسمائة شهر، وملك ذي القرنين خمسمائة شهر، فصار ملكهما ألف شهر، فجعل الله العمل في هذه الليلة لمن أدركها خيراً من ملكهما.
وقال ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ذكر رجُلاً من بني إسرائيل حمل السلاح ألف شهرٍ، فعجب المسلمون من ذلك فنزلت هذه الآية، يعني خير من ألف شهر التي لبس السلاح فيها في سبيل الله، ونحوه عن ابن عبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه.
وقال مالك بن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: أري رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أعمار الناس، فاستقصر أعمار أمته، فخاف ألا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر، وجعلها خيراً من ألف شهر لسائر الأمم.
وقال عكرمة وعروة: ذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أربعة من بني إسرائيل، يقال: عبدوا الله ثمانين سنة، لم يعصوا الله - تعالى - طرفة عين: أيوب، وزكريا، وحزقيل بن العجوز، ويوشع ابن نون، فعجب أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من ذلك، فأتاه جبريل - عليه السلام - فقال: يا محمد، عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النَّفر ثمانين سنة، لم يعصوا الله تعالى طرفة عين، فقد أنزل الله عليك خيراً من ذلك، ثم قرأ: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر﴾، فسر بذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
قوله: ﴿تَنَزَّلُ الملائكة﴾، أي: تهبط من كل سماء إلى الأرض، ويؤمنون على دعاء النَّاس إلى وقت طلوع الفجر، وقوله تعالى: ﴿والروح فِيهَا﴾. يجوز أن ترتفع «الرُّوحُ» بالابتداء، والجار بعده الخبر وأن ترتفع بالفاعلية عطفاً على الملائكة، و «فيها» متعلق ب «تنزل» وأن يكون معطوفاً على الفاعل، و «فِيهَا» ظرف أو حال، والمراد بالروح جبريل عليه السلام.
[وحكى القشيري: أن الروح صنف من الملائكة؛ جعله حفظة على سائرهم، وأن الملائكة لا يرونهم كما لا نرى نحن الملائكة.
ووقال مقاتل: هم أشرف الملائكة، وأقربهم إلى الله تعالى.
وقيل: هم جند الله - تعالى - غير الملائكة رواه ابن عبَّاس مرفوعاً حكاه الماوردي.