وقيل: الكتب القيمة: هي القرآن، سمي كتباً، لأنه يشتمل على أنواع من البيان.
قوله: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الذين أُوتُواْ الكتاب﴾. أي: من اليهود والنصارى، خصَّ أهل الكتاب بالتفريق دون غيرهم، وإن كانوا مجموعين مع الكافرين؛ لأنهم مظنون بهم علم، فإذا تفرقوا كان غيرهم ممن لا كتاب لهم أدخل في هذا الوصف.
قوله: ﴿إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ البينة﴾. أي: أتتهم البينة الواضحة، والمعني به محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، أي القرآن موافقاً لما في أيديهم من الكتاب بنعته وصفته، وذلك أنهم كانوا مجتمعين على نبوته، فلما بعث جحدوا نبوته وتفرقوا، فمنهم من كفر، بغياً وحسداً، ومنهم من آمن، كقوله تعالى: ﴿وَمَا تفرقوا إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ العلم بَغْياً بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: ١٤] وقيل: البينة البيان الذي في كتبهم أنه نبي مرسل.
قال العلماء: من أول السورة، إلى قوله: «قَيِّمة» حكمها فيمن آمن من أهل الكتاب والمشركين، وقوله تعالى: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ﴾ حكمه فيمن لم يؤمن من أهل الكتاب بعد قيام الحُججِ.
قوله: ﴿وَمَآ أمروا﴾. يعني هؤلاء الكفار في التوراة والإنجيل ﴿إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ الله﴾ أي: يوحدوه، واللام في ﴿لِيَعْبُدُواْ﴾ بمعنى «أنْ» كقوله تعالى: ﴿يُرِيدُ الله لِيُبَيِّنَ لَكُمْ﴾ [النساء: ٢٦]، أي: أن يبين، و ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ الله﴾ [الصف: ٨].
قوله: ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدين﴾. العامة: على كسر اللام، اسم فاعل، وانتصب به الدين.
والحسن: بفتحها، على أنهم يخلصون هم أنفسهم في شأنهم.
وانتصب «الدِّينَ» على أحد وجهين: إما إسقاط الخافض، أي: «في الدين»، وإما على المصدر من معنى «ليعبدوا»، وكأنه قيل: ليدينوا الدين، أو ليعبدوا العبادة. [فالتجوز إما في الفعل، وإما في المصدر، وانتصاب مخلصين على الحال من فاعل «يعبدون» ].
قوله: «حنفاء» حال ثانية، أو حال من الحال قبلها، أي: من الضمير المستكن فيها.
[قوله: ﴿وَمَآ أمروا﴾ أي: وما أمروا بما أمروا به إلا لكذا، وقرأ عبد الله: وما