قوله: ﴿إِنَّ الذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الكتاب والمشركين﴾ كما مرَّ في أول السورة، وقوله تعالى: ﴿فِي نَارِ﴾ هذا هو الخبر، و ﴿خَالِدِينَ﴾ حال من الضمير المستكن في الخبر.
قوله: ﴿أولئك هُمْ شَرُّ البرية﴾.
وقرأ نافع وابن ذكوان: «البريئة» بالهمز في الحرفين، والباقون: بياء مشددة.
واختلف في ذلك الهمز، فقيل: هو الأصل من برأ الله الخلق، ابتدأه واخترعه، قال تعالى: ﴿مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ﴾ [الحديد: ٢٢]، فهي فعيلة بمعنى مفعولة، وإنما خففت والتزم تخفيفها عند عامة العرب.
وقد تقدم أن العرب التزمت غالباً تخفيف ألفاظ منها: النبي، والجاثية، والذرية.
قال القرطبي: «وتشديد الياء عوض من الهمزة».
وقيل: «البريَّة» دون همز مشتقة من «البرى» وهو التراب، فهي أصل بنفسها، والقراءتان مختلفتا الأصل متّفقتا المعنى. إلا أن عطية ضعف هذا، فقال: «وهذا الاشتقاق يجعل الهمز خطأ، وهو اشتقاق غير مُرْض» انتهى.
يعني أنه إذا قيل: إنها مشتقة من «البرى» وهو التراب، فمن أين تجيء الهمزة في القراءة الأخرى.
قال شهاب الدين: «هذا غير لازم، لأنهما قراءتان مشتقتان، لكل منهما أصل مستقل، فتلك من» برأ «، أي: خلق، وهذه من» البرى «لأنهم خلقوا منه، والمعني بالقراءتين شيء واحد وهو جميع الخلق، ولا يلتفت إلى من ضعف الهمز من النحاة لثبوته متواتراً».
قال القشيريُّ: «ومن قال: البرية من البرى، وهو التراب، قال: لا تدخل الملائكة تحت هذه اللفظة».
وقيل: البرية: من بريت القلم، أي قدرته، فتدخل فيه الملائكة، ولكنه قول ضعيف؛ لأنه يجب فيه تخطئةُ من همز.