وقال الزمخشري: التشديد للتعدية، والباء مزيدة للتأكيد، كقوله تعالى: ﴿وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً﴾ [البقرة: ٢٥] وهي مبالغة في وسطن «انتهى.
وقوله:» وهي مبالغة «تناقض قوله أولاً للتعدية، لأن التشديد للمبالغة لا يكسب الفعل مفعولاً آخر، تقول:» ذبحت الغنم «مخففاً، ثم تبالغ فتقول:» ذبَّحتها «- مثقلاً - وهذا على رأيه قد جعله متعدياً بنفسه، بدليل جعله الباء مزيدة، فلا تكون للمبالغة.
فصل في معنى الآية
المعنى: فوسطن بركبانهن العدو، أي: الجمع الذين أغاروا عليهم.
وقال ابن مسعود:» فوسَطْنَ بِهِ جَمْعاً «يعني» مزدلفة «، وسميت جمعاً لاجتماع الناس فيها.
ويقال: وسطت القوم أسطهم وسطاً وسطة، أي: صرت وسطهم، وقد أكثر الناس في وصف الخيل وهذا الذي ذكره الله أحسن.
وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» الخَيْلُ معْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخَيْرُ «وقال أيضاً:» ظهرها حرز وبطنها كنز «.
ويروى أن بنت امرئ القيس أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقالت: يا رسول الله، هل أنزل عليك ربُّك كلاماً في صفةِ الخَيْل كلاماً أفصح مما قاله جدِّي؟ فقال - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -:» وما قال جدّكِ «. ؟ قالت: [الطويل]
٥٢٨٠ - مِكَرٍّ مُقْبلٍ مُدبِرٍ معاً | كجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَل |
قوله: ﴿إِنَّ الإنسان لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ﴾. هذا هو المقسم عليه، و «لرَبِّهِ» متعلق بالخبر، وقدم الفواصل، والكنُود: الجحود.