قوله: «كالفَراشِ». يجوز أن يكون خبراً للناقصة، وأن يكون حالاً من فاعل التامة، أي: يؤخذون ويحشرون شبه الفراش، وهو طائر معروف.
وقال قتادة: الفراش: الطَّير الذي يتساقط في النار والسراج، الواحدة: فراشة.
وقال الفراءُ: هو الهمج من البعوض والجراد وغيرهما، وبه يضرب المثل في الطّيش والهوج، يقال: أطيش من فراشة؛ وأنشد: [البسيط]

٥٢٨٨ - فَراشَةُ الحِلْمِ فِرعَوْنُ العَذابُ وإنْ يَطلُبْ نَداهُ فَكَلْبٌ دُونَهُ كُلُبُ
وقال آخر: [الطويل]
٥٢٨٩ - وقَدْ كَانَ أقْوَامٌ رَدَدْتَ قُلوبَهُمْ عَليْهِمْ وكَانُوا كالفَراشِ مِنَ الجَهْلِ
وقال آخر: [الرجز]
٥٢٩٠ - طُويِّشٌ من نَفرٍ أطْيَاشِ أطْيَشُ من طَائرةِ الفَراشِ
والفراشة: الماءُ القليلُ في الإناء وفراشة القُفل لشبهها بالفراشة، وروى «مسلم» عن جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - قال: قال رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَثلِي ومَثلكُمْ كَمَثلِ رجُلٍ أوْقدَ نَاراً فجعَلَ الجنَادِبُ والفراشُ يَقعْنَ فِيهَا وهو يذُبُّهُنَّ عَنْهَا، وأنَا آخِذٌ بحُجَزِكُمْ عَن النَّارِ، وأنْتُمْ تَفْلتُونَ مِنْ يَدِي».
في تشبيه الناس بالفراش مبالغات شتَّى: منها الطيشُ الذي يلحقهم، وانتشارهم في الأرض، وركوب بعضهم بعضاً، والكثرة، والضعف، والذلة والمجيء من غير ذهاب، والقصد إلى الداعي من كل جهة، والتطاير إلى النار؛ قال جريرٌ: [الكامل]
٥٢٩١ - إنَّ الفَرزْدَقَ ما عَلمْتَ وقوْمَهُ مِثْلُ الفَرَاشِ غشيْنَ نَارَ المُصْطَلِي
والمبثوث: المتفرق، وقال تعالى في موضع آخر: ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ﴾ [القمر: ٧].
فأول حالهم كالفراش لا وجه له يتحير في كل وجه، ثم يكون كالجراد، لأن لها وجهاً تقصده والمبثوث: المتفرق المنتشر، وإنما ذكر على اللفظ كقوله تعالى: ﴿أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٧].


الصفحة التالية
Icon