وقال الزمخشريُّ: والتكرير تأكيد للردع، والرد عليهم، و «ثُمَّ» دالة على أن الإنذار الثاني أبلغ من الأول، وأشد كما تقول للمنصوح: أقول لك ثم أقول لك: «لا تَفْعَلْ» انتهى.
ونقل عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: ﴿كَلاَّ سَوْفَ تعلمُون﴾ في الدنيا ﴿ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلمُونَ﴾ في الآخرة فعلى هذا يكون غير مكرر لحصول التَّغاير بينهما؛ لأجل تغاير المتعلقين، و «ثُمَّ» على بابها من المهلة وحذف متعلق العلم في الأفعال الثلاثة، لأن الغرض الفعل لا متعلقه.
وقال الزمخشريُّ: والمعنى: سوف تعلمون الخطأ فيما أنتم عليه إذا عاينتم ما قدامكم من هول لقاء الله، انتهى. فقدر له مفعولاً واحداً كأنه جعله بمعنى «عَرَفَ».
فصل في تفسير الآية
قال ابن عباس: ﴿كَلاَّ سَوفَ تَعْلمُونَ﴾ ما ينزل بكم من العذاب في القبور ﴿ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلمُونَ﴾ في الآخرة إذا حل بكم العذاب، فالتَّكرار للحالين.
وروى زر بن حبيش عن عليّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - قال: كنا نشك في عذاب القبر، حتى نزلت هذه السورة فأشار إلى أن قوله: ﴿كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ يعني في القبور.
[وقيل: كلا سوف تعلمون إذا نزل بكم الموت، وجاءتكم رسل ربكم تنزع أرواحكم، ثم كلا سوف تعلمون في القيامة أنكم معذبون، وعلى هذا تضمنت أحوال القيامة من بعث، وحشر، وعرض، وسؤال، إلى غير ذلك من أهوال يوم القيامة].
وقال الضحاكُ: ﴿كَلاَّ سَوفَ تَعْلَمُونَ﴾ أيها المؤمنون وكذلك كان يقرؤها الأولى بالتاء والثانية بالياء فالأول وعيد والثاني وعد.
قوله: ﴿كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ﴾ جواب «لَوْ» محذوف، أي: لفعلتم ما لا يوصف.
وقيل: التقدير: لرجعتم عن كفركم.
قال ابن الخطيب: وجواب «لَوْ» محذوف، وليس «لترونَّ» جوابها، لأن هذا مثبت، وجواب «لو» يكون منفياً، ولأنه عطف عليه قوله: «ثُمَّ لتُسْألُنَّ» وهو مستقبل، لا بد من وقوعه، وحذف جواب «لَوْ» كثير.
قال الأخفش: التقدير: لو تعلمُون علم اليقين ما ألهاكم.