والباقون مبنياً للفاعل، جعلوه غير منقول، فتعدى لواحد فقط، فإن الرؤية بصرية.
وأمير المؤمنين، وعاصم، وابن كثير في رواية عنهم: بالفتح في الأول، والضم في الثاني، يعني: لترونها.
ومجاهد، وابن أبي عبلة، وأشهب: بضمها فيهما.
والعامة على أن الواوين لا يهمزان؛ لأن حركتهما عارضة.
وقد نصّ مكي، وأبو البقاء على عدم جوازه، وعللا بعروض الحركة.
وقرأ الحسن وأبو عمرو بخلاف عنهما: بهمز الواوين استثقالاً لضمة الواو.
قال الزمخشري: «هِيَ مُسْتكرَهة»، يعني لعروض الحركة عليها، إلا أنهم قد همزوا ما هو أولى لعدم الهمز من هذه الواو، نحو: ﴿اشتروا الضلالة﴾ [البقرة: ١٦] همزوا واو «اشترؤا» مع أنها حركة عارضة، وتزول في الوقف، وحركة هذه الواو، وإن كانت عارضة، إلا أنَّها غير زائلة في الوقف، فهو أولى بهمزها.
قوله: ﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليقين﴾ هذا مصدر مؤكد، كأنه قيل: رؤية اليقين نفياً لتوهم المجاز في الرؤية الأولى.
وقال أبو البقاء: لأن «رأى»، و «عاين» بمعنى.
فصل في معنى الآية
معنى الكلام: «لتَرَوُنَّ الجَحِيمَ» بأبصاركم على البعد «ثُمَّ لتَروُنَّهَا عَيْنَ اليَقِينِ» أي: مشاهدة.
وقيل: ﴿لَوْ تَعْلَمُونَ عِلمَ اليَقِينَ﴾، معناه: «لَوْ تَعْلَمُونَ» اليوم في الدنيا «عِلمَ اليَقِينِ» بما أمامكم مما وصفت «لَتَروُنَّ الجَحِيم» بعيون قلوبكم، فإن علم اليقين يريك الجحيم بعين فؤادك، وهو أن يصور لك نار القيامة ﴿ثُمَّ لتَرونَّها عَيْنَ اليَقِينِ﴾، أي: عند المعاينة بعين الرأس، فتراها يقيناً، لا تغيب عن عينك، ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم﴾ في موقف السؤال والعرض.
قال الحسن: لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار، لأن أبا بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - «لما نزلت هذه الآية، قال: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: أرأيت أكلة أكلتها معك في بيت أبي الهيثم بن