وقوله تعالى: ﴿وَعَدَّدَهُ﴾، العامة: على تثقيل الدَّال الأولى، وهي أيضاً للمبالغة.
وقرأ الحسن والكلبي: بتخفيفها، وفيه أوجه:
أحدها: أن المعنى جمع مالاً، وعدد ذلك المال، أي: وجمع عدده: أي: أحصاه.
والثاني: أن المعنى وجمع عدد نفسه من عشيرته، وأقاربه وعدده، وعلى هذين التأويلين اسم معطوف على «مالاً»، أي: وجمع عدد المال، وعدد نفسه.
والثالث: أن عدده فعل ماض بمعنى عده، إلا أنه شذّ في إظهاره كما شذَّ في قوله: [البسيط]
٥٢٩٣ -................................... إنِّ أجُودُ لأقوامٍ وإنْ ضَنِنُوا
أي: ضنوا وبخلوا، فأظهر التضعيف.
و «الذي» بدل من كل أو نصب على الذم، وإنما وصفه تعالى بهذا الوصف، لأنه يجري مجرى المسبب والعلة في الهمز واللمز وهو إعجابه بما جمع من المال، وظنه أن الفضل فيه لأجل ذلك فسيتنقص غيره.
فصل في معنى جمع المال
قال المفسرون: ﴿جَمَعَ مالاً وعدَّدهُ﴾، أي: أعده لنوائب الدهر، مثل: كرم، وأكرم.
وقيل: أحصى عدده. قاله السدي.
وقال الضحاكُ: أي: أعد ماله لمن يرثه من أولاده.
وقيل: تفاخر بعدده، وكثرته، والمقصود: الذم على إمساك المال على سبيل الطاعة، كقوله: ﴿مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ﴾ [ق: ٢٥].