وروى جابرُ بنُ عبد الله قال: سمعتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول: «إنَّ النَّاس دخلوا في دينِ اللهِ أفواجاً وسيَخرُجُونَ مِنهُ أفواجاً» ذكره الماوردي.
قال ابن الخطيب: كانت تدخل فيه القبيلة بأسرها بعد ما كانوا يدخلون واحداً واحداً، واثنين اثنين.

فصل في المراد بدين الله


ودينُ الله، هو الإسلام، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإسلام﴾ [آل عمران: ١٩]، ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران: ٨٥]، وإضافة الدين إلى الاسم الدال على الإلهية، إشارة إلى أنه يجب أن يعبد لكونه إلهاً، وللدين أسماء أخر، قال تعالى: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ المؤمنين فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ المسلمين﴾ [الذاريات: ٣٥، ٣٦].
ومنها: الصراط، قال تعالى: ﴿صِرَاطِ الله الذي لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض﴾ [الشورى: ٥٣].
ومنها: كلمة الله، ومنها النور: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ الله﴾ [الصف: ٨].
ومنها الهدى، قال تعالى: ﴿ذلك هُدَى الله يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ [الأنعام: ٨٨].
ومنها العروة الوثقى ﴿فَمَنْ يَكْفُرْ بالطاغوت وَيْؤْمِن بالله فَقَدِ استمسك بالعروة الوُثْقَى﴾ [البقرة: ٢٥٦].
ومنها: الحبلُ المتين: ﴿واعتصموا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً﴾ [آل عمران: ١٠٣].
ومنها: حنيفة الله، وفطرة الله.

فصل في إيمان المقلد


قال جمهور الفقهاء والمتكلمين: إيمان المقلد صحيح، واحتجوا بهذه الآية، قالوا: إنه تعالى حكم بصحة إيمان أولئك الأفواج، وجعله من أعظم المنن على نبيه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ولو لم يكن إيمانهم صحيحاً، لما ذكره في هذا المعرض، ثم إنا نعلم قطعاً أنهم ما كانوا يعرفون حدوث الأجسام بالدليل، وإثبات كونه تعالى منزّهاً عن الجسمية، والمكان والحيز، وإثبات كونه تعالى عالماً بجميع المعلومات التي لا نهاية لها، ولا إثبات الصفات، والتنزيه بالدليل، والعلم بأن أولئك الأعراب ما كانوا عالمين بهذه الدقائق ضروري، فعلمنا أن إيمان المقلد صحيح، لا يقال: إنهم كانوا عالمين بأصول دلائل هذه


الصفحة التالية
Icon