قال سيبويه: وتقول: ما كان فيها أحد خير منك، وما كان أحد مثلك فيها، وليس أحد فيها خير منك، إذا جعلت «فيها» مستقراً ولم تجعله على قولك: فيها زيد قائم، ثم أجريت الصفة على الاسم فإن جعلته على قولك: فيها زيد قائم نصبت، تقول: ما كان فيها أحد خيراً منك، وما كان أحد خيراً منك فيها، إلا أنك إذا أردت الإلغاء، فكلما أخرت الذي تلغيه كان أحسن، وإذا أردت أن يكون مستقراً، تكتفي به، فكلما قدمته كان أحسن، والتقديم والتأخير والإلغاء والاستقرار عربي جيد كثير، قال تعالى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾.
وقال الشاعر: [الرجز]
٥٣٥٧ - مَا دَامَ فيهِنَّ فَصِيلٌ حَيَّا... انتهى كلام سيبويه.
قال أبو حيَّان: فأنت ترى كلامه، وتمثيله بالظرف الذي لا يصلح أن يكون خبراً، ومعنى قوله: «مستقرَّا» أي: خبراً للمبتدأ، ول «كان».
فإن قلت: قد مثل بالآية الكريمة.
قلت: هذا الذي أوقع مكياً والزمخشري وغيرهما فيما وقعوا فيه، وإنما أراد سيبويه أن الظرف التام، وهو في قوله: [الرجز]
٥٣٥٨ - مَا دَامَ فيهِنَّ فَصِيلٌ حَيَّا... أجري فضلة، لا خبراً، كما أن «لهُ» في الآية أجري فضلة، فجعل الظرف القابل أن يكون خبراً كالظرف الناقص في كونه لم يستعمل خبراً، ولا يشك من له ذهن صحيح أنه لا ينعقد كلام من قوله: «ولم يكن له أحد» بل لو تأخر «كُفُواًُ» وارتفع على الصفة وجعل «لهُ» خبراً لم ينعقد منه كلام، بل أنت ترى أن النفي لم يتسلط إلا على الخبر الذي هو «كُفُواً» و «لَهُ» متعلق به، والمعنى: لم يكن أحد مكافئه انتهى ما قاله ابن حيَّان.
قال شهاب الدين: قوله: «ولا يشك» إلى آخره، تهويل على الناظر، وإلا