سورة الفلق
مكية في قول الحسن، وعكرمة، وعطاء، وجابر، ومدنية في قول ابن عباس، وقتادة، وهي خمس آيات، وثلاث وعشرون كلمة، وأربعة وسبعون حرفا. بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفلق﴾. هذه السورة، وسورة «النَّاس»، و «الإخلاص» نزلت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حين سحرته اليهود، وزعم ابن مسعود أنهما دعاء، وليستا من القرآن، وخالف به الإجماع من الصحابة، وأهل البيت.
قال ابن قتيبة: لم يكتب عبد الله بن مسعود في مصحفه المعوِّذتين؛ لأنه كان يسمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يعوذ الحسن والحسين بهما، فقدر أنهما بمنزلة: «أعوذُ بكَلمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ من كُلِّ شيطانٍ وهَامَّةٍ، ومِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ».
قال ابن الأنباري: وهذا مردود على ابن قتيبة؛ لأن المعوذتين من كلام ربِّ العالمين؛ المعجز لجميع المخلوقين، و «أعِيذُكما بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامةِ» من قول البشر، وكلام الخالق الذي هو آية، وحجة لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على جميع الكافرين، لا يلتبس بكلام الأدميين على مثل عبد الله بن مسعود، الفصيح اللسان، العالم باللغة العارف بأجناس الكلام.
وقال بعضُ الناس: لم يكتب عبد الله المعوذتين؛ لأنه من أمن عليهما من النسيان، فأسقطهما وهو يحفظهما كما أسقط فاتحة الكتاب من مصحفه، وما يشك في إتقانه، وحفظه لهما، ورد هذا القول على قائله، واحتج عليه بأنه قد كتب: ﴿إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح﴾ [النصر: ١] و ﴿إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ الكوثر﴾ [الكوثر: ١] و ﴿قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ﴾ [الاخلاص: ١] وهن يجرين مجرى المعوذتين في أنهن غير طوال، والحفظ إليهن أسرع، والنسيان مأمون، وكلهن يخالف فاتحة الكتاب؛ إذ