قال قتادة: هي أطوار الخلق: طوراً نطفة، وطوراً علقة، وطوراً مضغة، وطوراً عظاماً، ثم يكسو العظام لحماً.
قال ابن الخطيب: وقيل: إن الله - تعالى - جعل في النطفة أخلاطاً من الطَّبائع التي تكون في الإنسان من الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، والتقدير: من نطفة ذات أمشاج، فحذف المضاف وتم الكلام.
قوله: «نبتليه». يجوز في هذه الجملة وجهان:
أحدهما: أنها حال من فاعل خلقنا، أي: خلقناه حال كوننا مبتلين له.
والثاني: أنها حال من الإنسان، وصح ذلك لأن في الجملة ضميرين كل منهما يعود على ذي الحال، ثم هذه الحال أن تكون مقارنة إن كان معنى «نبتليه» نصرفه في بطن أمه نطفة ثم علقة كما قال ابن عباس وأن تكون مقدرة إن كان المعنى نبتليه نختبره بالتكليف؛ لأنه وقت خلقه غير مكلف.
وقال الزمخشري: «ويجوز أن يكون ناقلين له من حال إلى حال، فسمي بذلك ابتلاء على طريق الاستعارة».
قال شهاب الدين: «وهذا معنى قول ابن عباس المتقدم».
وقال بعضهم: في الكلام تقديم وتأخير، والأصل: إننا جعلناه سميعاً بصيراً لنبتليه، أي: جعلنا له ذلك للابتلاء، وهذا لا حاجة إليه.
فصل في تفسير قوله تعالى نبتليه
قوله: «نبتليه» : لنبتليه، كقولك: «جئتك أقضي حقك، أي لأقضي حقك وآتيك أستمنحك كذا» ونظيره قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ﴾
[المدثر: ٦] أي: لتستكثر.
ومعنى: «نبتليه» نختبره، وقيل: نقدر فيه الابتلاء وهو الاختبار، وفيما يختبر به وجهان:
أحدهما: قال الكلبي: نختبره بالخير والشر.
والثاني: قال الحسن: نختبر شكره في السراء وصبره في الضراء.