وروي عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - أنه أَمْرُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، لأنه لما بعث سأله اليهود عن أشياء كثيرة، فأخبره الله باختلافهم، وأيضاً فجعل الكفار يتساءلون فيما بينهم، ما هذا الذي حدث؟ فأنزل الله - تعالى - «عَمَّ يتسَاءَلُون» وذلك أنَّهُم عجبُوا من إرسال محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، قال تعالى: ﴿بَلْ عجبوا أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الكافرون هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ [ق: ٢]، وعجبوا أن جاءهم بالتوحيد أيضاً كما قال تعالى: ﴿أَجَعَلَ الآلهة إلها وَاحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ [ص: ٥]، فحكى الله - تعالى - عن مسألة بعضهم بعضاً على سبيل التعجب بقوله: «عم يتساءلون».
قوله: ﴿كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ﴾ ؛ التكرار للتوكيد.
وزعم ابن مالك: أنَّه من باب التوكيد اللفظي، ولا يضر توسّط حرف العطف، والنحويون يأبون هذا، ولا يسمونه إلا عطفاً وإن أفاد التأكيد، والعامة: على الغيبة في الفعلين.
والحسن ابن دينار وابن عامر بخلاف عنه بتاء الخطاب فيهما.
والضحاك: قرأ الأول كالحسن، والثاني كالعامة. والغيبة والخطاب واضحان.
فصل في لفظ كلا
قال القفالُ: «كلا» لفظة وضعت للردع، والمعنى: ليس الأمر كما يقوله هؤلاء في النبأ العظيم، إنه باطل، وإنه لا يكون.
وقيل: معناه: حقَّا، ثم إنه - تعالى - كرر الردع والتهديد، فقال سبحانه ﴿ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ﴾ وهو وعيدٌ بأنهم سوف يعلمون أنَّ ما يتساءلون عنه ويضحكون منه حق لا دافع له، وأما تكرير الردع، فقيل: للتأكيد، ومعنى «ثُمَّ» الإشعار بأن الوعيد الثاني أبلغ من الوعيد الأول وأشد.
وقيل: ليس بتكرير.