وقيل: يدخل كل زوجٍ بهيج، وقبيح، وحسن، وطويل وقصير، لتختلف الأحوال، فيقع الاعتبار.
قوله: ﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً﴾ الظاهر أنَّه مفعول ثانٍ، ومعناه: راحةً لأبدانكم، ومنه السبتُ أي: يوم الراحة، أي: قيل لبني إسرائيل: استريحوا في هذا اليوم، ولا تعملوا فيه شيئاً.
وأنكر ابن الأنباري هذا، وقال: لا يقال للراحة: سباتاً.
وقيل: أصله التمدُّد، يقال: سبتت المرأة شعرها: إذا حلَّته وأرسلته، فالسُّبات كالمد، ورجل مسبوتُ الخلق، أي ممدود، وإذا أراد الرجل أن يستريح تمدد، فسميت الراحة سبتاً.
ةقيل: أصله القطع، يقال: سبت شعره سبتاً، أي: حلقه، وكأنه إذا نام انقطع عن الناس، وعن الاشتغالِ، فالسُّبات يشبه الموت، إلا أنه لم تفارقه الروح، ويقال: سيرٌ سبتٌ، أي سهلٌ ليِّن.
قوله: ﴿وَجَعَلْنَا الليل لِبَاساً﴾. فيه استعارة حسنة؛ وعليه قول المتنبي: [الطويل]

٥٠٦٩ - وكَمْ لِظَلامِ اللَّيْلِ عِندكَ من يَدٍ تُخَبِّرُ أنَّ المانَويَّة تَكذِبُ
والمعنى: يُلبسُكُمْ ظُلْمتَهُ وتَغْشَاكُمْ. قاله الطبري قال القفال: أصل اللباس هو الشيء الذي يلبسه الإنسان، ويتغطّى به، فيكون ذلك مُغَطِّياً، فلمَّا كان الليل يغشى الناس بظلمته جعل لباساً لهم، فلهذا سمي الليل لباساً على وجه المجاز، ووجه النعمة في ذلك هو أنَّ ظلمة الليل تستر الإنسان عن العيون إذا أراد هرباً من عَدُو، أو إخفاء ما لا يجب اطِّلاع غيره عليه.
وقال ابن جبير والسدي: أي: أسْكنَّاكُمْ.
قوله: ﴿وَجَعَلْنَا النهار مَعَاشاً﴾. فيه إضمار، أي: وقت معاش، فيكون مفعولاً، وظرفاً للتبعيض، أي: منصرفاً لطلب المعاش، وهو كل ما يعاش به من المطعمِ، والمشربِ مصدراً بمعنى العيش على تقدير حذف مضاف، يقال: عاش عيشاً ومعاشاً ومعيشةً، ومعنى كون النهار معيشة أن الخلق إنما يمكنهم التقلب في حوائجهم ومكاسبهم في النهار.
قوله تعالى: ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً﴾. أي: سبع سماوات محكمات، أي: محكمة الخلق وثيقة البنيان.


الصفحة التالية
Icon