الثاني: أنه يعود على الإيتاء المفهوم من قوله تعالى: «آتى»، أي: على حبِّ الإيتاء؛ كأنه قيل: يعطي، ويحبُّ الإعطاء؛ رغبةً في ثواب الله.
قال شهاب الدِّين: وهذا بعيدٌ من حيث اللفظ، ومن حيث المعنى.
أما من حيث اللفظ: فإنَّ عود الضمير على غير مذكور، بل مدلولٍ عليه بشيء - خلاف الأصل.
وأمَّا من حيث المعنى: فإنَّ المدح لا يحسن على فعل شيء يحبه الإنسان، لأنَّ هواه يساعده على ذلك.
قال زهير: [الطويل]
٩١٦ - تَرَاهُ إذَا مَا جِئْتَهُ مُتَهَلِّلاً | كأَنَّكَ تُعْطِيهِ الَّذِي أَنْتَ سَائِلُهُ |
الرابع: أن يعود على «مَنْ آمَنَ»، وهو المؤتي للمال، فيكون المصدر على هذا مضافاً للفاعل، وعلى هذا: فمفعول هذا المصدر يحتمل أن يكون محذوفاً، أي: «حُبِّه المَالَ»، وأن يكون ذَوِي القُرْبَى، إلا أنه لا يكون فيه تلك المبالغة التي فيما قبله.
قال ابْنُ عَطِيَّة: ويجيء قوله «عَلَى حُبِّهِ» اعتراضاً بليغاً في أثناء القول.
قال أبو حيَّان - رَحِمَهُ اللهُ -: فإن أراد بالاعتراض المصطلح عليه، فليس بجيِّد، فإنَّ ذلك من خصوصيَّات الجملة الَّتي لا محلَّ لها، وهذا مفردٌ، وله محلٌّ، وإن أراد به الفصل بالحال بين المفعولين، وهما «المال»، و «ذَوِي»، فيصحُّ، إلا انه فيه إلباسٌ.
فصل في معنى الإيتاء
اختلفوا في المراد من هذا الإيتاء، فقال قومٌ: إنَّها الزكاة، وهذا ضعيفٌ؛ لأنَّه عطف الزكاة عليه، بقوله: ﴿وَأَقَامَ الصلاة﴾ [البقرة: ١٧٧] ومن حق المعطوف، والمعطوف عليه المغايرة، ثم لا يخلو: إمَّا أن يكون تطوُّعاً: أو واجباً، ولا