والتقدير: وما كان الله مريداً لإضاعة أعمالكم، وشرط لام الجحود عندهم أن يتقدمها كون منفي.
[واشترط بعضهم مع ذلك أن يكون كوناً ماضياً، ويفرق بينها وبين «لام» ما ذكرنا من اشتراط تقدم كون مَنْفي]، ويدلّ على مذهب البصريين التصريح بالخبر المحذوف في قوله: [الوافر].
٨٢٦ - سَمَوْتَ وَلَمْ تَكْنْ أَهْلاً لِتَسْمُو... والقول الثاني للكوفيين: وهو أن «اللام» وما بعدها في محلّ الجر، ولا يقدرون شيئاً محذوفاً، ويزعمون أن النصب في الفعل بعدها بنفسها لا بإضمار «أن»، وأن «اللام» للتأكيد، وقد رد عليهم أبو البقاء فقال: وهو بعيد، لأن «اللام» لام الجر، و «أن» بعدها مرادة، فيصير التقدير على قولهم: وما كان لله إضاعة إيمانكم، وهذا الرد غير لازم لهم، فإنهم لم يقولوا بإضمار «أن» بعد اللام كما قدمت نقله عنهم، بل يزعمون النصب بها، وأنها زائدة للتأكيد ولكن للرد عليهم موضع غير هذا.
واعلم أن قولك: «ما كان زيد ليقوم» ب «لام» الجحود أبلغ من: «ما كان زيد يقوم».
أما على مذهب البصريين فواضح، وذلك أن مع «لام» الجحود نفي الإرادة للقيام والتَّهيئة، ودونها نفي للقيام فقط، ونفي التَّهيئة والإرادة للفعل أبلغ من نفي الفعل؛ إذ لا يلزم من نفي الفِعْلِ نفي إرادته.
وأما على مذهب الكوفيين فلأن «اللام» عندهم للتوكيد، والكلام مع التوكيد أبلغ منه بلا توكيد.
وقرأ الضحاك: «لِيُضَيِّعَ» بالتشديد، وذلك أن: أَضَاعَ وَضيَّعَ بالهمزة، والتضعيف للنقل من «ضاع» القاصر، يقال: ضَاعَ الشيء يَضيعُ، وأَضَعْتُه أي: أهملته، فلم أحفظه.
وأما ضَاعَ المِسْكُ يَضُوعُ أي: فاح، فمادة أخرى.
فصل في مناسبة اتّصال هذه الآية بما قبلها
وجه اتصال هذه الآية الكريمة بما قبلها أن رجلاً من المسلمين كأبي أمامة، وسعد ابن زُرَارة، والبراء بن عازب، والبراء بن مَعْرُور، وغيرهم ماتوا على القبلة.