الثالث: ابتغوا المحلَّ الذي كتبه الله لكم وحلَّله؛ ونظيره ﴿فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله﴾ [البقرة: ٢٢٢].
الرابع: أنه للتأكيد، تقديره: الآن بَاشرُوهُنَّ وابْتغوا هذه المباشرة التي كتبها الله لكم بعد أن كانت محرَّمةً عليكم.
الخامس: قال أبو مُسْلَمٍ: فالآنَ باشرُوهُنَّ، وابتغوا هذه المباشرة التي ان كان الله كتبها لكم، وإن كنتم تظنونها محرَّمة عليكم.
السادس: أن مباشرة الزوجة قد تحرم في بعض الأوقات؛ بسبب الحيض والنِّفاس والعِدَّة والرِّدَّة؛ فقوله: ﴿وابتغوا مَا كَتَبَ الله﴾ يعني: لا تباشِرُوهنَّ إلاَّ في الأوقاتِ المأذونِ لكم فيها.
السابع: «فَالآنَّ بَاشِرُوهُنَّ» إذن في المباشرة، وقوله: ﴿وابتغوا مَا كَتَبَ الله﴾ [يعني: لا تبتغوا هذه المباشرة إلاَّ من الزَّوجة والمملوكة] بقوله: ﴿إِلاَّ على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [المؤمنون: ٦].
الثامن: قال معاذ بن جبلٍ، وابن عبَّاسٍ في رواية أبي الجوزاء: يعني اطلبوا ليلةَ القدر، وما كتب الله لكم من الثَّواب فيها إن وجدتُمُوها.
وقال ابن عبَّاس: ما كتب الله لنا هو القرآن.
قال الزَّجَّاج: أي: ابتغوا القرآ بما أبيح لكم فيه، وأمرتم به. وقيل: ابتغوا الرخصة والتوسعة.
قال قتادة: وقيل: ابتغوا ما كتب الله لكم من الإماء والزَّوجات.

فصل في معاني «كَتَبَ»


في «كَتَبَ» وجوه:
أحدها: أنَّها هنا بمعنى جَعَل؛ كقوله
﴿كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمان﴾ [المجادلة: ٢٢] أي: جَعَل، وقوله تعالى: ﴿فاكتبنا مَعَ الشاهدين﴾ [آل عمران: ٥٣]، وقوله سبحانه ﴿فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٦].


الصفحة التالية
Icon