يَهْوِي مُحَارِبُهَا هُوِيَّ الأجْدَلِ
والجدل: فَتْلُ الحبل، ومنه زمامٌ مجدولٌ، أي: محكم الفتل.

فصل


قد تقدَّم أنّ الفسق: هو الخروج عن الطَّاعة، واختلف المفسرون فيه، فحمله أكثر المحقِّقين على كلِّ المعاصي، وهذا قول ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -، وطاوس، والحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة، والزهري، والربيع، والقرظي، قالوا: لأنَّ اللفظ صالحٌ للكلِّ، والنَّهي عن الشَّيء يوجب الانتهاء عن جميع أنواعه؛ ويؤكده قوله تعالى
﴿فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ [الكهف: ٥٠]، وقوله: ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الكفر والفسوق والعصيان﴾ [الحجرات: ٧].
وذهب بعضهم إلى أنَّ المراد منه بعض أنواعه، ثم ذكروا وجوهاً.
أحدها: قال الضحّاك: المراد التنابز بالألقاب؛ لقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَنَابَزُواْ بالألقاب بِئْسَ الاسم الفسوق بَعْدَ الإيمان﴾ [الحجرات: ١١]. والثاني: قال عطاء، ومجاهد، وإبراهيم النخعي: المراد السّباب، لقوله - عليه السلام - «سِبَابُ المؤْمِن فُسُوقٌ، وقِتَالُه كُفْرٌ»
الثالث: أنَّ المراد منه الإيذاء، والإفحاش؛ قال تعالى: ﴿وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢].
الرابع: قال ابن زيد: هو الذَّبح للأصنام؛ فإنّهم كانوا فى حجِّهم يذبحون لأجل الأصنام قال تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسم الله عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ [الأنعام: ١٢١]، وقوله: ﴿أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ﴾ [الأنعام: ١٤٥].


الصفحة التالية
Icon