أَحوالِ النَّاسِ وما يبدو من إيمانهم، وصلاحهم؛ حتى يَبْحث عن باطنهم؛ لأَنَّ الله تعالى بَيَّنَ أَحوال النَّاسِ، وأَنَّ منهم من يظهرُ قولاً جميلاً، وهو يَنْوي قَبِيحاً.
فإِنْ قِيلَ: هذا يَعارضُ قوله عليه السَّلام:» أُمِرتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لا إِله إِلاَّ اللَّهُ «وقوله:» فَأَقْضِيَ لَهُ بِنَحو ما أَسْمَعُ «
فالجوابُ: هذا كان في صدر الِسلامِ، حيثُ كان إِسْلاَمُهُم سلامتهم، وأمَّا الآن، وقد عَمَّ الفسادُ، فلا، قاله ابنُ العَرَبيّ.
والصَّحيحُ: أَنَّ الظَّاهِرَ يَعملُ عليه، حَتّى يبين خلافه.
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا تولى سعى﴾ » سَعَى «جوابُ إذا الشَّرطيَّة، وهذه الجُملةُ الشَّرطيةُ تحتملُ وجْهَيْنِ.
أحدهما: أن تكُونَ عطفاً على ما قبلها، وهو «يُعْجِبُكَ»، فتكون: إمَّا صلةً، أو صفةً حسب ما تقدَّم في «مَنْ».
والثاني: أن تكُون مُستأَنفةً لمُجرَّدِ الإخبارِ بحالِهِن وقد تَمَّ الكلامُ عند قوله: «ألدُّ الخصام».
والتّولِّي والسَّعْيُ يحْتَمِلان الحقيقة، أي: تولَّى ببدنِهِ عنك وسعَى بِقَدَمَيْهِ، والمُجازَ بأن يريدُ بالتولِّي الرُّجُوع عن القَوْلِ الأَوَّل، وبالسَّعي العمَل والكَسْبَ من السَّعاية، وهو مجازٌ شائعٌ؛ ومنه: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سعى﴾ [النجم: ٣٩]، وقال امرؤُ القَيسِ: [الطويل]
١٠١١ - لَلَوْ أَنَّ مَا أَسْعَى لأَدْنَى مَعِيشَةٍ | كَفَانِي - وَلَمْ أَطْلُبْ - قليلٌ مِنَ المَالِ |
وقال آخرُ: [السريع]
١٠١٢ - أَسْعَى عَلَى حَيِّ بَنِي مَالِكٍ | كُلُّ امْرِىءٍ فِي شَأْنِهِ سَاعِي |