قال أبو حيان: أمَّا ما ذكره من أنه لا يقال: «علمت أنَّ يقومَ زيد» فقد ذكره غيره مثل الفارسي وغيره، إلاَّ أن سيبويه أجاز: «ما علْتُ إلا أن يقومَ زيدٌ» فظاهرُ هذا الردُّ على الفارسي. قال بعضهم الجمع بينهما أنَّ «عَلِمَ» قد يراد بها الظَّنُّ القويُّ كقوله: ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ﴾ [الممتحنة: ١٠]، وقوله: [الوافر]
١١١٣ - وَأَعْلَمُ عِلْمَ حَقٍّ غَيْرَ ظَنِّ | وتَقْوَى اللهِ مِنْ خَيْرِ العَتَادِ |
وأمَّا قوله: «لأنَّ الإنسانَ لا يعلمُ ما في الغدِ» فليسَ كما ذكر، بل الإنسان يعلم أشياء كثيرةً واقعةً في الغد ويجزم بها «قال شهاب الدين: وهذا الردُّ من الشيخ عجيبٌ جداً، كيف يقال في الآية: إنَّ الظن بمعنى اليقين، ثم يجعل اليقين بمعنى الظن المسوغ لعلمه في» أَنْ «الناصبة. وقوله:» لأنَّ الإنسانَ قد يَجْزِمُ بأشياءَ في الغد «مُسَلَّمٌ، لكن ليس هذا منها.
وقوله: ﴿أَن يُقِيمَا﴾ إمَّا سادٌّ مسدَّ المفعولين، أو الأول والثاني محذوفٌ، على حسب المذهبين المتقدمين.
فصل
كلمة» إن «في اللغة للشرط، والمعلق بالشرط عدم عند عدم الشرط؛ فظاهر الآية يقتضي: أنه متى لم يحصل هذا الظن لم يحصل جواز المراجعة وليس الأمر كذلك؛ فإنَّ جواز المراجعة ثابتٌ، سواءٌ حصل هذا الظنُّ، أو لم يحصل، إلاَّ أنا نقول: ليس المراد أنَّ هذا شرطٌ لصحة المراجعة؛ بل المراد منه أنه يلزمهم عند المراجعة بالنِّكاح الجديد رعاية حقوق الله تعالى، وقصد الإقامة لحدود الله.
قال طاوسٌ: إن ظنَّ كلٌّ واحدٍ منهما، أنه يحسن عشرة صاحبه.
وقيل: حدود الله: فرائضه، أي إذا علما أنه يكون منهما الصلاح بالنكاح الثاني.