أحدهما: أنَّه متعلِّق بيشفع.
والثاني: أنه متعلِّق بمحذوف لكونه [حالاً] من الضَّمير في «يَشْفَعُ»، أي: يشفع مستقراً عنده، وقوي هذا الوجه بأنه إذا لم يشفع عنده من هو عنده وقريبٌ منه فشفاعة غيره أبعد وضعَّف بعضهم الحاليَّة بأنَّ المعنى: يشفع إليه.
و ﴿إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾ متعلِّققٌ بمحذوف، لأنَّه حال من فاعل، «يَشْفَع» فهو استثناءٌ مفرَّغ، والباء للمصاحبة، والمعنى: لا أحد يشفع عنده إلاَّ مأذوناً له منه، ويجوز أن يكون مفعولاً به، أي: بإذنه يشفعون كما تقول: «ضَرَب بِسَيْفِهِ»، أي: هو آلةٌ للضَّرب، والباء للتعدية.
و «يَعْلَمُ» هذه الجملة يجوز أن تكون خبراً لأحد المبتدأين المتقدمين، أو استئنافاً، أو حالاً. والضَّمير فِي «أيْدِيهم» و «خَلْفَهُم» يعود على «مَا» في قوله تعالى: ﴿لَّهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض﴾ إلا أنَّه غلَّب من يعقل على غيره. وقيل: يعود على العقلاء ممَّن تضمَّنه لفظ «ما» دون غيرهم. وقيل: يعود على ما دلَّ عليه «مَنْ ذَا» من الملائكة والأنبياء. وقيل: من الملائكة خاصّةً.

فصل


قال مجاهدٌ وعطاءٌ والسديُّ: «مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ» ما كان قبلهم من أمور الدُّنيا «وَمَا خَلْفَهُم» ما يكون خلفهم من أمور الآخرة بعدهم.
وقال الضَّحَّاك والكلبي: «يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ» يعني الآخرة؛ لأنَّهم يقدمون عليها. «وَمَا خَلفَهُمْ» يعني الدُّنيا؛ لأنهم يخلفونها وراء ظهورهم.
وقال عطاءٌ عن ابن عبَّاس: «مَا بَيْنَ أَيْدِيهِم» من السماء إلى الأرض «وَمَا خَلْفَهُم» يريد ما في السَّموات.
وقال ابن جريج: «مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ» : مضيّ آجالهم «وما خَلْفَهُم» : ما يكون بعدهم.
وقال مقاتل: «مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ» ما كان قبل الملائكة. «وَمَا خَلْفَهُم» أي: ما كان بعد خلقهم.
وقيل: «مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ» ما قدموا من خير وشر «وَمَا خَلْفَهُمْ» ما هم فاعلوه.


الصفحة التالية