قوله: ﴿إلى مَيْسَرَةٍ﴾ قرأ نافع وحده: «مَيْسَرَة» بضمِّ السِّين، والباقون بفتحها. والفتح هو المشهور؛ إذ مفعل، ومفعلة بالفتح كثيرٌ، ومفعُلٌ بالضم، معدومٌ؛ إلا عند الكسائي، فإنه أورد منه ألفاظاً، وأمَّا مفعلةٌ، فقالوا: قليلٌ جدّاً وهي لغة الحجاز، وقد جاءت منها ألفاظٌ، نحو: المسرُقة، والمقبرة، والمشربة، والمسربة، والمقدرة، والمأدبة، والمفخرة، والمزرعة، ومعربة، ومكرمة، ومألكة.
وقد ردَّ النحاس الضمَّ؛ تجرؤاً منه، وقال: «لم تَأْتِ مَفْعُلَةٌ إِلاَّ في حُرُوفٍ معدودةٍ ليس هذه منها، وأيضاً فإنَّ الهاء زائدةٌ، ولم يَأْتِ في كلامِهِم مَفْعُل أَلْبتةَ» انتهى.
وقال سيبويه: «لَيْسَ في الكَلاَمِ مَفْعُل» قال أبو عليّ: «يَعْنِي في الآحاد». وقد حكى سيبويه «مَهْلك» مثلَّث اللاَّم، وقال الكسائيُّ: «مَفْعُل» في الآحاد، وأورد منه مكرُماً في قول الشاعر: [الرجز]
١٢٧٣ - لِيَوْمِ رَوْعٍ أَوْ فَعَالِ مَكْرُمِ... ومَعْوُن في قول الآخر - هو جميلٌ -: [الطويل]
١٢٧٤ - بُثَيْنُ، ألْزَمِي «لاَ» ؛ إنَّ «لاَ» إِنْ لَزِمْتِهِ | عَلَى كَثْرَةِ الوَاشِينَ أَيُّ مَعْوُنِ |
١٢٧٥ - أَبْلِغِ النُّعْمَانَ عَنِّي مَأْلُكاً | أَنَّهُ قَدْ طَالَ حَبْسِي وَانْتِظَارِي |
أحدهما: أنَّ هذا جمعٌ لمكرمةٍ، ومعونة، مألكة، وإليه ذهب البصريون، والكوفيون خلا الكسائي، ونقل عن الفراء أيضاً.
والثاني: أن سيبويه لا يعتدُّ بالقليل، فيقول: «لم يَرِدْ كذا» وإن كان قد ورد منه الحرف والحرفان، لعدم اعتداده بالنادر القليل.