أحدهما: أنه أَبْدَل الهمزة ألفاً، وليس قياسُ تخفيفها ذلك، بل بَيْنَ بين، ولمَّا أبدلها ألفاً همزها كما هَمزتِ العربُ نحوك العأْلَمِ، والخَأْتَمِ؛ وقوله: [الرجز]
١٢٨١ - وَخِنْدفٌ هَامَةُ هَذَا العَأْلَمِ... وقد تقدَّم تحقيقه في سورة الفاتحة، وسيأتي له مزيدُ بيانٍ إِنْ شاء اللهُ - تعالى - في قراءة ابن ذكوان: «مِنْسَأْتَه» في سبأ.
وقال أبو البقاء في تقرير هذا الوجهِ، ونحا إلى القياس فقال: ووجهُهُ أنه خفَّفَ الهمزة - يعني بينَ بينَ - فقَرُبَتْ من الألف، والمُقَرَّبة من الألفِ في حكمها؛ ولذلك لا يُبْتَدأُ بها، فلمَّا صارت كالألف، قَلَبها همزةً ساكنةً كما قالوا: خَأْتم وعَأْلم.
والثاني: أن يكُونَ قد استثقَلَ تواليَ الحركاتِ، والهمزةُ حرفٌ يُشبِهُ حرف العلة فتُستثقل عليها الحركة فسُكِّنت لذلك. قال أبو حيَّان رَحِمَهُ اللَّهُ: ويمكنُ أنه سكَّنها تخفيفاً لتوالي كثرةِ الحركاتِ؛ وقد جاء تخفيفُ نظيرِ هذه الهمزةِ في قول الشَّاعر: [الطويل]
١٢٨٢ - يَقُولُونَ جَهْلاً لَيْسَ لِلشَّيْخِ عَيِّلٌ | لَعَمْرِي لَقَدْ أَعْيَلْتُ وَأْنَ رَقُوبُ |
قوله: ﴿مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشهدآء﴾ فيه أوجهٌ:
أحدها: أنه في محلِّ رفعٍ نعتاً لرجُلٍ وامرأتين.
والثاني: أنه في محلِّ نصب؛ لأنه نعتٌ لشهيدين. واستضعف أبو حيّان هذين الوجهين قال: «لأنَّ الوصفَ يُشْعِر اختصاصَه بالموصوفِ، فيكون قد انتفى هذا الوصفُ عن شَهِيدَيْنِ»، واستضعفَ الثَّاني أبو البقاء رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى قال: للوصف الواقعِ بينهما.
الوجه الثالث: أنه بدلٌ من قوله: ﴿مِّن رِّجَالِكُمْ﴾ بتكريرِ العاملِ، والتقدير: «