هو تأنيثُ «أحَد» يقابُلونها به في: أحد عشرَ وإحدى عشرة وأحدٍ وعشرين وإحدى وعشرين، وتُجْمَعُ «إِحْدَى» على «إِحَد» نحو: كِسْرَة وكِسَر.
قال أبو العباس: «جَعَلُوا الألفَ في الإِحْدَى بمنزلةِ التاء في» الكِسْرَة «، فقالوا في جمعها:» إِحَد «؛ كما قالُوا: كِسْرَة وكِسَر؛ كما جعلوا مثلها في الكُبْرَى والكُبَر، والعُلْيا والعُلَى، فكما جعلوا هذه كظُلمة، وظُلَم جعلوا الأولَ كسِدْرَة وسِدَر» قال: «وكَمَا جعلوا الألف المقصُورة بمنزلةِ التَّاءِ فيما ذُكِر؛ وجعلوا الممدودةَ أيضاً بمنزلتها في قولهم» قَاصِعَاء وقَوَاصع «و» دَامَّاء ودَوَامّ «، يعني: أنَّ فاعلة نحو: ضارِبَة تُجمع على ضَوارِب، كذا فاعِلاَء؛ نحو: قاصِعَاء، ورَاهِطَاء تُجْمَعُ على فَوَاعِل؛ وأنشد ابن الأعرابيّ على إحدى وإِحَد قول الشاعر: [الرجز]
١٢٨٦ - حَتَّى اسْتَثَارُوا بِيَ إِحْدَى الإِحَدِ | لَيْثاً هِزَبْراً ذَا سِلاَحٍ مُعْتدِي |
واعلَم أنَّ «إِحْدَى» لا تُستعمل إلا مُضَافَةً إلى غيرها؛ فيقال: إِحْدَى الإِحَدِ وإِحْدَاهُما، ولا يقال: جاءَتْني إِحْدى، ولا رأيتُ إِحْدَى، وهذا بخلافِ مذكَّرها.
و «الأُخرى» تأنيث «آخرَ» الذي هو: أَفْعَلُ التَّفضيل، وتكونُ بمعنى آخِرة؛ كقوله تعالى: ﴿قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ﴾ [الأعراف: ٣٨]، ويُجْمَعُ كلٌّ منهما على «أُخَر»، ولكنَّ جمع الأُولَى ممتنعٌ من الصَّرفِ، وفي علَّته خلافٌ، وجمعُ الثانية منصرفٌ، وبينهما فرقٌ يأتي إيضاحه إن شاء اللهُ تعالى في الأَعراف.
فصلٌ
أجمع الفقهاءُ على أنَّ شهادة النِّساء جائزةٌ مع الرِّجال في الأموال، حتى يثبت برجُل وامرأتين، واختلفوا في غير الأموال، فقال سُفيانُ الثَّوريُّ وأصحابُ الرَّأي: تجوز شهادتُهُنَّ مع الرِّجال في غير العُقُوباتِ.
وذهب جماعةٌ إلى أَنّ غير المال، لا يثبُتُ إِلاَّ برجلين عدلين وذهب الشَّافعيُّ، وأحمدُ إلى: أنّ ما يطلع عليه النِّساءُ غالباً كالولادة والرّضاع، والثُّيوبة والبكارةِ ونحوها يَثْبُتُ بشهادة رجلٌ وامرأتين، وبشهادة أربع نسوةٍ.
وعن أحمد: يثبت بشهادةِ امرأة عدلٍ، واتَّفَقُوا على أن شهادة النّساء لا تجوز في العُقُوباتِ.