فصل في كراهية الحلف بغير الله


ومن حلف بغير اللهِ مثل أن قال: والكعبة، وبيت اللهِ، ونبيِّ الله؛ أو حلف بأبيه ونحو ذلك، فلا يكون يميناً، ولا تجب فيه الكفَّارة إذا حنث، وهو يمين مكروهٌ؛ قال الشَّافعيُّ: وأخشى أن تكون معصية.
روى مالكٌ عن نافعٍ، عن ابن عمر؛ أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أدرك عمر بن الخطَّاب، وهو يسير في ركب وهو يحلف بأبيه؛ فقال رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - «إِنَّ اللهَ يَنْهَاكُم أَنْ تَحْلفُوا بآبَائِكُم، فَمَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ أَوْ لِيَصْمُتْ».
قوله تعالى: ﴿والله غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ قد تقدَّم أن «الغَفُور» مبالغةٌ في ستر الذُّنوب، وفي إسقاط عقوبتها.
وأمَّا «الحليم» فاعلم أن الحلم في كلام العرب الأناة، والسُّكون مع القُدرة والقُوَّة، ويقال ضع الهودج على أحلم الجمال، أي: على أشدِّها قوَّةً في السَّير، ومنه الحِلْم، لأَنَّه يرى في حال السُّكُون، وحلمة الثَّدي؛ والحليمُ مِنْ حَلُم - بالضم - يَحْلُمُ إذا عَفَا مع قُدْرَة، وأمَّا حَلِمَ الأديمُ فبالكسر يَحْلَمُ بالفتح، فسد وتثقَّب؛ وقال [الوافر]
١٠٩٦ - فَإِنَّكَ وَالْكِتَابَ إِلَى عَلِيٍّ كَدَابِغَةٍ وَقَدْ حَلِمَ الأَدِيمُ
وأمَّا «حَلَمَ»، أي: رأى في نومِه، فبالفتح، ومصدرُ الأولِ «الحِلْم» بالكسر؛ قال الجعديُّ: [الطويل]
١٠٩٧ - وَلاَ خَيْرَ فِي حِلْمٍ إِذَا لَمْ تَكُن لَهُ بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا
ومصدرُ الثاني «الحَلِّمُ» بفتح اللام ومصدرُ الثالث: «الحُلُم» و «الحُلْم» بضم الحاءِ مع ضمِّ اللام وسكونها.


الصفحة التالية
Icon