قال شهابُ الدينِ: «ومذهبهُ - أيضاً - أنَّ الحالَ لا يجيءُ مِنَ المُضَافِ إليهِ، وهو مرادُهُ بقولِهِ: ولعدم العامل. وجاءت الحالُ من النكرةِ؛ لتخصُّصِها بالصفة بعدها. وظاهرُ كلام الواحديِّ - فيما نقَلهُ عن الفرَّاء - أنَّها يجوز أن تكون أحوالاً من» عِيسَى «فإنَّه قال: والقرَّاء تسمِّي هذا قَطْعاً، كأنه قال: عيسى ابن مريم الوجيه، قطعَ منه التعريف. فظاهرُ هذا يُؤذِنُ بأنَّ ﴿وَجِيهًا﴾ من صفةِ» عِيسَى «في الأصلِ، فقطع عنه، والحالُ وصفٌ في المعنى».
والوجيه: ذو الجاه، وهو القوةُ، والمنعةُ، والشرفُ.
وجمع «وَجيه» وُجَهاءُ، ووِجَاهٌ، يقال: وَجُهَ الرَّجُلُ يوجه وجاهة، فهو وجيه - إذا صارت له منزلةٌ رفيعةٌ عند الناسِ.
وقال بعضهم: الوجيهُ: الكريمُ.
و «كَهْلاً» من قولهم: اكتهلت الدوحة، إذا عَمَّها النُّوْرُ - والمرأة كهلة.
وقال الراغب: «والكهل: مَنْ وَخَطَه الشَّيْبُ، واكتهل النباتُ: إذا شارف اليُبُوسَةَ مشارفةَ الكهل الشَّيْبَ».
وأنشد قولَ الأعشى - في وَصْف رَوْضَةٍ بأكمل أحوالها -: [البسيط]
١٤٦٨ - يُضَاحِكُ الشَّمْسَ مِنْهَا كَوْكَبٌ شَرِقٌ | مُؤزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ |
وقال بعضهم: «ما دامَ في بطن أمِّه، فهو جنين، فإذا وُلِدَ فوليد، فإذا لم يستتمّ الأسبوع فصديغٌ؛ وما دام يرضع فهو رضيع، ثم هو فَطِيمٌ - عند الفِطَام - وإذا لم يرضع؛ فجَحْوَش، فإذا دبَّ ونما: فدراج، فإذا سقطت رواضِعهُ فثَغور ومثغور، [فإذا نبتت أسنانهُ بعد السقوط بمُتَّغِر - بالتاء والثاء]، فإذا جاوز العشر: فمترعرع، وناشئ. فإذا رَاهَق الحُلم: فيافع، ومُراهق. فإذا احتلم فحَزَوَّر. والغلام يُطْلَق عليه في جميع أحواله بعد الولادة، فإذا اخضر شارُبه، وسال عذاره: فباقِل، فإذا صار ذا لِحْيَةٍ: ففتًى وشارخ، فإذا اكتملت لحيته؛ فمُجْتَمِع، ثم هو من الثلاثين إلى الأربعين شابّ، ومن الأربعين إلى ستين كهل»، ولأهل اللغة عبارات مختلفة في ذلك، وهذا أشهرها.
فإن قيل: المستغرب إنما هو كلام الطفل في المَهْد، وأما كلام الكهول فغير مُسْتَغْرَب.