قال شهاب الدين: «ويظهر أن ذلك لا يجوز - من حيث المعنى - إذْ يصير التقدير: يكلم الناس في حال كونه رسولاً إليهم وهو إنما صار رسولاً بعد ذلك بأزمنةٍ».
فإن قيل: هي حَالٌ مُقَدَّرة، كقولهم: مررت برجلٍ معه صقرٌ صائداً به غداً، وقوله: ﴿فادخلوها خَالِدِينَ﴾ [الزمر: ٧٣].
وقيل: الأصل في الحال أن تكون مقارنة، ولا تكون مقدّرة إلا حيث لا لَبْسَ.
الثالث: أن يكون منصوباً بفعل مُضْمَرٍ لائقٍ بالمعنى، تقديره: ويجعله رسولاً، لما رأوه لا يصح عطفه على مفاعيل التعليم أضمروا له عاملاً يناسب. وهذا كما قالوا في قوله: ﴿والذين تَبَوَّءُوا الدار والإيمان﴾ [الحشر: ٩] وقوله: [مجزوء الكامل]

١٤٧١ - يَا لَيْتَ زَوْجَكِ قَدْ غَدَا مُتَقَلِّداً سيْفاً وَرُمْحَا
وقول الآخر: [الكامل]
١٤٧٢ - فَعَلَفتُهَا تبْناً وَمَاءً بَارِداً...........................
وقول الآخر: [الوافر]
١٤٧٣ -............................ وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ وَالْعُيُونَا
أي: واعتقدوا الإيمانَ، وحاملاً رُمْحاً، وسيقتها ماءً بارداً، وكحَّلْنَ العيون.
وهذا على أحد التأويلين في هذه الأمثلة.
الرابع: أن يكون منصوباً بإضمار فعل من لفظ «رسول» ويكون ذلك الفعل معمولاً لقول مُضْمَرٍ - أيضاً - هو من قول عيسى.
الخامس: أن الرسول - فيه بمعنى النطق، فكأنه قيل: وناطقاً بأني قد جئتكم، ويوضِّحُ هذين الوجهين الأخيرين، ما قاله الزمخشريُّ: «فإن قلت: عَلاَم تَحْمِل»


الصفحة التالية
Icon