وأجاز بعض النحويين في معمول الجواب - إذا كان ظرفاً أو مجروراً - تَقَدُّمَه، وجعل من ذلك قوله: ﴿عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ﴾ [المؤمنون: ٤٠].
وقوله: [الطويل]
١٥٣١ -......................... بِأسْحَم دَاجٍ عَوْضُ لا نتفَرَّقُ
فعلى هذا يجوز أن يتعلق بقوله: ﴿لَتُؤْمِنُنَّ﴾.
قال شهاب الدين «أما تعلُّق اللام ب ﴿لَتُؤْمِنُنَّ﴾ - من حيث المعنى - فإنه أظهر من تعلُّقِها ب» أخذ «فلم يَبْقَ إلا ما ذكر من منع تقديم معمول الجواب المقترن بالام عليه، وقد يكون الزمخشريُّ ممن يرى جوازه».
والثالث: أن تتعلق اللام ب «أخَذَ»، أي لأجل إيتائي إياكم كيت وكيت، أخذت عليكم الميثاقَ، وفي الكلام حذفُ مضاف، تقديره: رعاية ما آتيتكم.
الرابع: أن تتعلق ب «المِيثاق»، لأنه مصدر، أي: توثقنا عليهم لذلك.
هذه الأوجه بالنسبة إلى اللام، وأما «ما» ففيها ثلاثة أوجهٍ:
أحدها: أن تكون مصدرية كما تقدم عن الزمخشريِّ.
والثاني: أنها موصولة بمعنى «الذي» وعائدها محذوف، و ﴿ثُمَّ جَآءَكُمْ﴾، عطف على الصلة، والرابط بالموصول إما محذوف، تقديره: به، وإما قيام الظاهر مقام المضمر، وهو رأي الأخفشِ، وإما ضمير الاستقرار الذي تضمنه «مَعَكُمْ».
والثالث: أنها نكرة موصوفة، والجملة بعدها صفتها، وعائدها محذوف، ﴿ثُمَّ جَآءَكُمْ﴾ عطف على الصفة، والكلام في الرابط كما تقدم فيها وهي صلة، إلا أن إقامة الظاهر مُقَامه في الصفة ممتنع، لو قلت: مررت برجل قام أبو عبد الله - على أن يكون قام أبو عبد الله صفة لرجل، والرابط أبو عبد الله، إذ هو الرجلُ في المعنى - لم يجز ذلك، وإن جاز في الصلة والخبر - عند من يرى ذلك - فيتعين عود ضمير محذوف وجواب قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ﴾ قوله: ﴿لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ﴾ والضمير في «بِهِ» عائد على «رَسُولٌ» ويجوز الفصل بين القسم والمقسم عليه بمثل هذا الجار والمجرور، فلو قلت أقسمت لَلْخَبر الذي بلغني عن عمرو لأحْسِنَنَّ إليه، جاز.
وقوله: ﴿مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ﴾ إما حالٌ من الموصول، أو من عائده، وإمّا بيانٌ له


الصفحة التالية
Icon