واحدةٌ في الجَنَّةِ، وَسَائِرَهُم في النَّارِ، ولتزيدَنَّ عليهم هَذِهِ الأمةُ واحدةً، واحدةٌ في الجنَّة وسائرُهم في النّار».
فصل
لما بيَّنَ الله تعالى أن الزائغِين يتَّبعون المتشابهِ بيَّن أنّ لهم فيه غرضَيْنِ:
الأول: ابتغاء الفتنة.
والثاني: ابتغاء التأويل.
أما الفتنة فقا لالربيع والسدي: الفتنة: طلب الشرك.
وقال مجاهد: ابتغاء الشبهات واللَّبْس، ليضلوا بها جُهَّالهم.
وقال الأصم: متى وقعوا في المتشابهات، صَارَ بعضهم مخالفاً للبعض في الدين، وذلك يفضِي إلى التقاتل، والهَرْج والمَرْج.
وقيل: المتمسك بالمتشابه يُقَرِّر البِدَع والأباطيل في قلبه، فيصير مفتوناً بذلك الباطلِ، عاكفاً عليه، لا يقلع عنه بحيلة ألبتة لأن الفتنة في اللغة: التوغُّل في محبة الشيء، يقال: فلان مفتون بطلب الدنيا، أي: مُوغِل في طلبها.
وقيل: الفتنة في الدين هي الضلال عنه، [ومعلوم أنه لا فتنة، ولا فساد أعظم من الفتنة في الدين والفساد فيه].
وأما التأويل فقد ذكرنا تفسيره في اللغة، والفرق بينه وبين التفسيرز
قد يسمى التفسيرُ تأويلاً قال تعالى: ﴿سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً﴾ [الكهف: ٧٨]، وقال: ﴿ذلك خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ [الإسراء: ٣٥]، وذلك لأنه إخبار عما يرجع إليه اللفظ من المعنى، والمراد منه: أنهم يطلبون التأويل الذي ليس عليه دليل من كتاب الله تعالى ولا بيان، كطلبهم أن الساعة متى تقوم؟ وأن مقادير الثواب والعقاب للمطيع والعاصي كم تكون؟