وهذا الوجه قد رَدَّه جماعةٌ من حيث الصناعة، ومن حيث المعنى؛ أما من حيث الصناعة؛ فلأنه إذا اجتمع فاعل ومفعول مع المصدر العامل فيهما، فإنما يُضَاف المصدر لمرفوعه - دون منصوبة - فيقال: يعجبني ضَرْبُ زيدٍ عمراً، ولو قلتَ: ضَرْبُ عمرٍو زيدٌ، لم يجزْ إلا في ضرورة، كقوله: [البسيط]
١٥٤١ - أفْتَى تِلاَدِي وَمَا جَمَّعْتُ مِنْ نَشَبٍ | قَرْعُ الْقَوَاقِيزِ أفْوَاهُ الأبَارِيقِ |
السادس: أنها شرطية، والجزاء محذوف، يدل عليه ما تقدم، أو هو نفس المتقدم - على رأي - ولا بد من ضمير يعود من جملة الشرط على «النَّاسِ»، تقديره: من استطاع منهم إليه سبيلاً فلله عليه.
ويترجح هذا بمقابلته بالشرط بعده، وهو قوله: ﴿وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العالمين﴾.
وقوله: ﴿وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت﴾ جملة من مبتدأ - وهو ﴿حِجُّ البيت﴾ - وخبر - وهو قوله: «لله» - و «عَلَى النَّاسِ» متعلق بما تعلق به الخبر، أو متعلق بمحذوف؛ على أنه حال من الضمير المستكن في الجار، والعامل فيه - أيضاً - ذلك الاستقرار المحذوف، ويجوز أن يكون على الناس هو الخبر، و «للهِ» متعلق بما تعلق به الخبر، ويمتنع فيه أن يكون حالاً من الضمير في «عَلَى النَّاسِ» وَإنْ كان العكس جائزاً - كما تقدم -.
والفرق أنه يلزم هنا تقديم الحال على العامل المعنوي، والحال لا يتقدم على العامل المعنوي - بخلاف الظرف وحرف الجر، فإنهما يتقدمان على عاملهما المعنوي؛ للاتساع فيهما، وقد تقدم أن الشيخ جمال الدين بن مالك، يجوز تقديمها على العامل