أحدهما: أن تكون زائدة.
وقد أنشد النحويون على زيادة الفاء قول الشاعر: [الطويل]
١٥٦٥ - يَمُوتُ أناسٌ أوْ يَشِيبُ فَتَاهُمُ | وَيَحْدُثُ نَاسٌ، والصَّغِيرُ فِيَكْبُرُ |
١٥٦٦ - لَمَّا اتَّقَى بِيَدٍ عَظِيمٍ جِزمُهَا | فَتَرَكْتُ ضَاحِيَ جِلْدِهَا يَتَذَبْضَبُ |
١٥٦٧ - أرَانِي إذَا ما بِتُّ بِتُّ عَلَى هَوًى | فَثُمَّ إذَا أصْبَحْتُ أصْبَحْتُ غَادِيَا |
وقال الأخفش: «وزعموا أنهم يقولون: أخوك فوجد، يريدون: أخوك وجد».
والوجه الثاني: أن تكون الفاء تفسيرية، والتقدير: فيقال لهم ما يسوؤهم، «أفلم» تكن آياتي، ثم اعتني بحرف الاستفهام، فتقدمت على الفاء التفسيرية، كما تتقدم على الفاء التي للتعقيب في قوله: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرض﴾ [يوسف: ١٠٩] وهذا على رَأي من يثبت أن الفاء تفسيرية، نحو توضأ زيد فغسل وجهه ويديه.. إلى آخر أفعال الوضوء، فالفاء - هنا - ليت مرتِّبة، وإنما هي مفسِّرة للوضوء، كذلك تكون في ﴿أفلم تكن آياتي تتلى عليكم﴾ مفسرة للقول الذي يسوؤهم.
وقوله: فلما بطل هذا تعين أن يكون الجواب: «تذوقوا»، أي: تعيَّن بطلان حذف ما قدَّره النحويون، من قوله: «فيقال لهم» ؛ لوجود هذه الفاء في «أفلم تكن»، وقد بيَّنَّا أن ذلك التقدير لم يبطل؛ وأنه سواء في الآيتين، وإذا كان كذلك فجواب: «أما» هو فيقال - في الموضعين - ومعنى الكلام عليه، وأما تقديره: أأهملتكم فلم تكن آياتي تتلى عليكم؟ فهذه نزعة زمخشرية، وذلك أن الزمخشريَّ يقدِّر بين همزة الاستفهام وبين الفاء فِعْلاً يصح عطف ما بعدها عليه، ولا يعتقد أن الفاء والواو، و «ثم» إذا دخلت عليها الهمزة - أصلهن التقديم على الهمزة، لكن اعتني بالاستفهام، فقدم على حرف العطف - كما ذهب