وروى الواحِديُّ عن المبرد بسند متصل: مَحَصَ الحبلُ يمحص مَحْصاً - إذا ذهب زئبره حتى يتملص، وحبل محيص ومليص بمعنًى واحدٍ، قال: ويستحب في الفرس أن تُمَحَّصَ قوائمُه أي: تُخَلَّص من الرَّهَل.
[وأنشد ابن الأنباريّ على ذلك]- يصف فرساً -: [البسيط]
١٦٣٤ - صُمُّ النُّسُورِ، صِحَاحٌ، غَيْرُ عَاثِرَةٍ | رُكِّبْنَ فِي مَحِصَاتٍ مُلْتَقَى العَصَبِ |
قال المبرد: ومعنى قول الناس مَحِّصْ عنا ذُنوبَنَا: أذهِب عنا ما تعلَّق من الذنوب.
قال الواحديُّ: «وهذا - الذي قاله المبردُ - تأويل المحَص - بفتح الحاء - وهو واقع، والمَحْص - بسكون الحاء -» مصنوع «- وقال الخليل: يقال: مَحَصْت الشيء أمحصه مَحْصاً - إذا أخلصته من كل عيب».
وفي جعله محْصاً - بتسكين الحاء - مصنوعاً نظر؛ لأن أهل اللغة نقلوه ساكنها، وهو قياس مصدر الثلاثي. ومَحَصْت السيف والسنان: جَلَوتُهما حتى ذهب صدأهما.
قال أسامة الهذليّ: [الطويل]
١٦٣٥ - وَشَقُّوا بِمَمْحُوصِ السِّفَانِ فُؤادَهُ | لَهُمْ قُتُرَاتٌ قَدْ بُنِيْنَ مَحَاتِد |
قال العجاج: [الرجز]
١٦٣٦ - شَدِيدُ جَلْزِ الصُّلْبِ مَمْحُوصُ الشَّوَى | كَالْكَرِّ، لا شَخْتٌ وَلاَ فِيهِ لَوَى |
وقال المفضَّل: هو أن يذهب الشيءُ كلُّه، حتَّى لا يُرَى منه شيء، ومنه قوله تعالى: ﴿يَمْحَقُ الله الربا﴾ [البقرة: ٢٧٦] أي: يستأصله، وقد تقدم الكلام عليه في البقرة.