أَجْنِحَةٍ مثنى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: ١] وأجمعت الأمة على أنه لا يجوز لأحد أن يتزوج أكثر من أربع نسوة، وكانت الزيادة من خصائص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.

فصل


ذهبَ أكْثرُ الفقهاء إلى أن قوله تعالى: ﴿فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ﴾ لا يتناول العبد؛ لأن الخطاب إنما يتناول إنساناً متى طلب امرأة قَدِرَ على نكاحها، والعبد ليس كذلك؛ لأنه لا يتمكن من النكاح إلا بإذن مولاه لقوله تعالى: ﴿عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ على شَيْءٍ﴾ [النحل: ٧٥]، فَيَنْفِي كونه مستقلاًّ بالنكاح.
وقال عليه السلام: «أيُّما عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذنِ مَوْلاَهُ فَهُوَ عَاهِرٌ».
وقال مالك: يجوز للعبد أن يتزوج أربعاً لظاهر الآية.
وأجيب بأن قوله تعالى بعد هذه الآية: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ مختص بالأحرار؛ لأن العبد لا ملك له، وبقوله تعالى: ﴿فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً﴾ [النساء: ٤] والعبد لا يأكل ما طابت عنه نفس امرأته من المهر، بل يكون لسيده.
قال مالك: إذا ورد عمومان مستقلان فدخول التقييد في الآخر لا يوجب دخوله في السابق.
وأجيب بأن هذه الخطابات وردت متوالية على نسق واحد، فلما ذكر في بعضها الأحرار علم أن الكل كذلك.

فصل


ذهبت طائفة فقالوا: يجوز التزويج بأيّ عدد شاء، واحتجوا بالقرآن والخبر، أمَّا القرآن فتمسكوا بهذه الآية من ثلاثة أوجه:
الأول: أن قوله ﴿فانكحوا مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النسآء﴾ إطلاق في جميع الأعداد، بدليل أنه لا عدد إلاّ ويصح استثناؤه منه.


الصفحة التالية
Icon