وقال ابن جريج: فريضة مسمَّاة.
قال أبو عبيدة: لا تكون النِّحْلَةُ إلاَّ مُسَمَّاة ومعلومة. قال القَفَّال: يحتمل أن يكون المراد من الإيتاء المناولة، ويحتمل أن يكون المراد منه الالتزام كقوله تعالى: ﴿حتى يُعْطُواْ الجزية عَن يَدٍ﴾ [التوبة: ٢٩] أي: يضمنوها ويلتزموها، فعلى الول المراد دفع المُسَمَّى، وعلى الثاني أن المراد بيان أن الفروج لا تُستباح إلا بعوض يلتزم سواء سمَّي أو لم يسمَّ، إلا ما خُصَّ به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في الموهوبة.
قوله: «فإن طبن لكم منه» «منه» في محل جر؛ لأنه صفة ل «شيء» فيتعلق بمحذوف أي: عن شيء كائن منه.
و «مِنْ» فيها وجهان:
أحدهما: أنها للتبغيض، ولذلك يجوز أن تَهَبَهُ كُلَّ الصَّداق.
قال ابن عطيَّة: و «مِنْ» لبيان الجنس ها هنا ولذلك يجوز أن تهب المهر كله، ولو [وقعت] على التبغيض لما جَازَ ذلك انتهى.
وقد تَقَدَّمَ أن الليث يمنع ذلك، ولا يشكل كونها للتَّبغيض، وفي هذا الضمير أقوال:
أحدها: أنه يعود على الصَّداق المدلول عليه ب ﴿صَدُقَاتِهِنَّ﴾.
الثاني: أنه يعود على «الصَّدُقات» لسدِّ الواحِدِ مَسَدَّها، لو قيل: صَداقَهُنَّ لم يختلَّ المعنى، وهو شبيهٌ بقولهم: هو أحسنُ الفتيان وأجْمَلُهُ؛ ولأنه لو قيل: «هو أحسنُ فتىً» لَصَحَّ المعنى.
ومثله: [الرجز]
١٧٤٨ - وَطَابَ ألْبَانُ اللِّقَاحِ وَبَرَدْ... في «برد» ضمير يعود على «ألبان» لسدِّ «لبن» مسدَّها. الثالث: أنه يعود على «الصَّدُقات» أيضاً، لكن ذهاباً بالضمير مذهب الإشارة فَإنَّ اسم الإشارة قد يُشارُ بِهِ مفرداً مذكراً إلى أشياء تقدمت، كقوله: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن


الصفحة التالية
Icon