الآية الكريمةُ، وحكمُ التثنية في ذلك كالجمع، وَحَسَّنَ الإفرادَ ها هنا أيضاً ما تقدَّم مِن مُحَسِّنِ تذكير الضمير وإفراده في «منه»، وهو أنَّ المعنى: فإن طابت كُلُّ واحدة نفساً.
وقال بعض البصريين: «إنَّما أفرد؛ لأن المراد بالنفس هنا الهوى، والهوى مصدر، والمصادر لا تُثَنَّى ولا تجمع».
وقال الزَّمخشريُّ: و «نَفْسَاً» تمييزٌ، وتوحيدثها؛ لأن الغرضَ بيانُ الجنس والواحد يدل عليه. ونحا أبو البَقاءِ نَحْوَهُ، وشَبَّهَهُ ب «درهماً» في قولك: عشرون درهماً.
واختلف النحاةُ في جوازِ تقديمِ التمييزِ على عامله إذا كان متصرفاً فمنعه سيبويه، وأجازه المبرد وجماعة مستدلين بقوله: [الطويل]
١٧٥٠ - أتَهْجُرُ لَيْلَى بِالفُرَاقِ حَبيبَها | وَمَا كَانَ نَفْساً بالفراقِ تَطِيبُ |
١٧٥١ - رَدَدْتُ بِمِثْلِ السَّيدِ نَهْدٍ مُقَلَّصٍ | كَمِيشٍ إذَا عِطْفَاهُ مَاءً تَحَلَّبَا |
فإن قيل: لِمَ قال: ﴿فَإِن طِبْنَ لَكُمْ﴾ ولم يقل: وَهَبْنَ لَكُمْ أوْ سَمضحْنَ لَكُمْ؟
فالجواب أنَّ المراعى وهو تجافي نفسها عن بالموهوب طيبة].
قوله: «فكلوه هنيئاً مريئاً».