بحرّة لم يجز له أن يَتَزَوَّج أمَةً، وتحريم الخامسة، وتحريم الملاعنة لقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «المُتَلاَعِنَانِ لا يَجْتَمِعَان أبَداً».
قوله ﴿أَن تَبْتَغُواْ﴾ في محلّه ثلاثة أوْجِهٍ:
الرَّفُعُ، والنَّصْبُ، والجَرُّ فالرَّفْعُ على أنَّهُ بدل من ﴿مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ على قراءة أحِلَّ مبْنِيَّاً للمفعول [لأنّ «ما» حينئذٍ قائِمَة مقامَ الفَاعلِ؛ وهذا بدل منها بدل اشتمال، وَأمَّا النَّصْبُ فالأجود أن يكون على أنَّه بدل من «مَا» المتقدّمة على قراءة «أَحَلَّ» مبنيّاً للفاعل] كأنه قال: وأحل لكم ابتغاء أموالكم من تزويج أو ملك يمين، وأجاز الزَّمَخْشَرِيُّ أن يكونَ نصبه على المفعول من أجلِهِ، قال: بمعنى بَيَّنَ لكم [ما يَحِلُّ مما] يحرم إرادة أنْ يَكُونَ ابتغاؤكم بأموالكم الَّتي جعل اللهُ لَكُمْ قِيَاماً في حال كونكم مُحْصِنِينَ، وأنحى عليه أبُو حَيَّانَ وجعله إنَّمَا قَصَدَ بِذَلِكَ دسيسة الاعتزال ثم قال: فَظَاهِرُ الآية غير ما فَهِمَهُ إذ الظِّاهِرُ أنَّهُ تعالى أحَلَّ لنا ابتغاء ما سوى المُحَرَّماتِ السَّابق ذكرها بأمْوَالِنَا حَالَةَ الإحْصَانِ؛ لا حالةَ السِّفَاح، وعلى هذا الظَّاهِرِ لا يجوز أن يعرب ﴿أَن تَبْتَغُواْ﴾ مفعولاً له، لأنَّه فات شرط من شُرُوطِ المفعول له، وهو اتِّحاد الفاعِلِ في العامل والمفعول له؛ لأنَّ الفاعِلَ ب «أحل» هو اللهُ - تعالى -، والفاعل في ﴿تَبْتَغُواْ﴾ ضمير المخاطبين، فقد اخْتَلَفَا ولما أحسّ الزمخشريُّ إن كان أحس جعل «أن تبتغوا» على حذف إرادة حتّى يتحد الفاعل في قوله ﴿وَأُحِلَّ﴾ في المفعول له، ولم يجعل ﴿أَن تَبْتَغُواْ﴾ مفعولاً له إلاّ على حذف مضاف، وَإقامتهِ مُقَامهُ، وهذا كُلُّهُ خروجٌ عن الظَّاهِر انتهى.
قال شهابُ الدِّينِ: ولا أدْرِي ما هَذَا التَّحمل، ولا كيف يخفى عَلَى أبي القاسم شرط اتحاد الفاعلِ في المفعولِ لَهُ حتّى يقول: إنْ كان أحسّ، وأجاز أبُو البقاءِ فيه النَّصْبَ على حذف حَرْفِ الْجَرِّ. قال أبُو البَقَاءِ: في «ما» من قوله ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ وجهان:
أحدُهمَا: هي بمعنى «مِنْ» فعلى هذا يكون قوله ﴿أَن تَبْتَغُواْ [بِأَمْوَالِكُمْ مُّحْصِنِينَ﴾ ] في موضع جرٍّ أو نصبٍ على تقديرِ بأن تبتغوا؛ أو لأنْ تبتغوا، أي أبيح لكم غير ما ذكرنا من النِّساء بالمُهُورِ.
والثَّاني: أنَّ «ما» بمعنى الذي، والذي كناية عن الفعلِ، أي: وأحلّ لكم تحصيل ما وراء ذلك الفعل المحرم، و ﴿أَن تَبْتَغُواْ﴾ بدلٌ منه، ويجوزُ أن يكون «أن تبتغوا» في هذا الوَجْهِ مثله في الوجه الأوَّلِ، يعني: فيكونُ أصله بأن تَبْتَغُوا، أو لأن تبتغوا، وفيما قاله