عَوْدُ الضَِّميرِ مُفْرَداً على جَمْعِ الإنَاثِ؛ لأنَّهُنَّ في معنى الجنس كأنه قيل: «فمن صلح» فَعَاد الضَّميرِ مُفْرداً بهذا الاعتبارِ، ورُدَّ هذا الوجه بِعَدَمِ مُطَابَقَةِ الضَّميرِ لما يعودُ عليه وهذا جوابه، وجعله ابْنُ جِنّي مثل قول الشَّاعِرِ: [المتقارب]
١٧٩٢ -...................................... فإنَّ الحَوَادِثِ اوْدَى بِهَا
أي: أوْدَيْنَ، وَيَنْبَغِي أن يُقَالَ: الأصْلُ بما حفظت الله، والحوادث أوْدَتْ، لأنَّهَا يَجُوزُ انْ يَعُودَ الضَّميرُ عَلَى [جمع] الإنَاثِ كَعَوْدِهِ عَلَى الوَاحِدَةِ مِنْهُنَّ، تقول: النِّسَاءُ قَامَتْ، إلاَّ أنَّهُ شَذَّ حذفُ تَاءِ التَّأنيثِ مِنَ الْفِعْلِ المُسْندِ إلى ضَميرِ المُؤنَّثِ.
وقرأ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودِ - وهي في مُصْحَفِهِ كَذَلِكَ - «فالصالح قوانت حوافظ» بالتكسير.
قال ابْن جني: وهي أشْبَهُ بالمَعْنَى لإعطائِهَا الكَثْرَة، وَهِيَ المَقْصُودَةُ هُنَا، يعني: أن «فَوَاعِل» من جُمُوعِ الكَثْرَةِ، وجمع التَّصحيح جمع قلَّةٍ، ما لم تَقْتَرِنْ بالألف واللاَّمِ. وظاهِرُ عِبَارَةَ أبِي البَقَاءِ أنه لِلقِلَّةِ، وَإنْ اقْتَرَنَ ب «أل» فإنَّهُ قال: وجمع التَّصحيح لا يدلّ على الكثرة بوضعِهِ، وقد استعمل فيها كقوله تعالى: ﴿وَهُمْ فِي الغرفات آمِنُونَ﴾ [سبأ: ٣٧].
وفيما قالهُ [أبُو الفتح] وأبُو البقاءِ نَظَرٌ، فإنَّ «الصَّالِحات» في القراءةِ المَشْهُورَةِ مُعَرَّفَةٌ بِأل، وقَد تَقَدَّمَ أنَّه تكُونُ لِلْعُمُومِ، إلاَّ انَّ العموم المفيد للكثرة، ليس مِنْ صيغَةِ الجَمْعِ، بل مِنْ «ألْ»، وإذا ثَبَتَ أن «الصَّالِحَاتِ» جمع كَثْرَةٍ، لَزِمَ أنْ يكُونَ «قَانِتَات» و «حَافِظَات» للكثرة؛ لأنَّهُ خبرٌ عن الجميعِ، فَيُفِييدُ الكَثْرَةَ، ألا تَرَى أنَّكَ إذا قلت: الرِّجَالُ قَائِمُونَ، لَزِمَ أنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الرِّجَالِ قَائِماً، ولا يجوز أن يكُونَ بعضُهم قاعداً، فإذاً القراءةُ الشَّهيرةُ وافيةٌ بالْمعنى [المقصود].
فصل
قال الواحديُّ: لفظ القنُوتِ يُفيدُ: الطَّاعَةَ، وَهُوَ عَامٌّ في طَاعَةِ اللهِ، وطاعة