وتبع الفارسي في ذَلِكَ مُقَاتِلاً؛ مَعْنَاه: كأنه لَيْسَ من أهل [مِلَّتِكم]، ولا مودَّة بَيْنَكُم يريد: أن المبطّئ قَالَ لمن تَخَلَّف بإذْنٍ كأن لَمْ تكُنْ بَيْنَكُم وبَيْن مُحَمَّدٍ مودَّة، فيُخْرِجَكُم إلى الجِهَادِ، فَتَفُوزُوا بما فَازَ.
[القول الثاني: إنها في مَحَلّ نَصْبٍ بالقَوْلِ، فيكون - تعالى - قد حَكَى بالقَوْلِ جملتين: جُمْلة التَّشْبيه، وجملة التَّمَنِّي، وهذا ظَاهِرٌ على قَوْلِ مُقاتِل والفَارسيٍّ: حيث زعَمَا أن الضَّمِير في «بَيْنَه» للرَّسُول - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -].
القول الثالث: أنها في مَحَلّ نَصْبٍ على الحَالِ من الضَّمِير المستَتِر في «ليقولن» كما تقول: مررْتُ بزَيْد وكأن لم يكن بينك وبينه معرفة فضلاً عن مودَّة، ونقل هذا عن الزَّجَّاج، وتَبِعَهُ أبو البَقاءِ في ذلك.
و «يا» فيها قَوْلاَن:
أحدهما: وهُوَ قول الفَارسيِّ إنها لمًجَرد، التَّنْبِيه، فلا يقدَّر مُنادى مَحْذُوف، ولذلك بلإشَرَت الحَرْف.
والثاني: أن المُنَادَى مَحْذُوف، تقديره: يا هؤلاء، لَيْتَنِي، وهذا الخلاف جَارٍ فيها إذا باشَرَت حَرْفاً أو فِعلاً؛ كقراء الكسائيّ ﴿أَلاَّ يَسْجُدُواْ﴾ [النمل: ٢٥] وقوله: [الطويل]
١٨٢٧ - ألاَ يَا اسْقِيَانِي قَبْلَ غَارَة سِنْجَال...................................
وقوله: [البسيط]
١٨٢٨ - يا حَبَّذَا جَبَلُ الرَّيَّانِ من جَبَلٍ................................
على القول بفعليّة «حَبَّذَا» ولا يُفعل ذَلِكَ إلاَّ ب «يَا» خَاصَّة، دون سائر حُرُوف النَّدَاء، لأنَّها أمُّ البَابِ، وقد كثرت مُبَاشرَتُها ل «لَيْتَ» دون سَائِرِ الحُرُوف.
قوله: «فأفوز» الجمهور على نَصْبِه في جَوَاب التَّمَنِّي، والكُوفِيُّون يزْعمون نصبه بالخلافِ، والجرميّ يزعمُ نصبه بنفس الفَاءِ.
والصحيح الأوَّل، لأن الفَاء تَعْطِف هذا المَصْدَر المؤوَّل من «أنْ» والفِعْل على