فنزلت] فَنَسَخَتْ الليِّنة، وأراد بالغَلِيِظَة هذه الآية، وبالَّيِّنَة أية الفُرقان.
وقال ابن عبَّاسٍ: تلك آية مكِّيَّة، وهذه مَدَنيِّة نزلت ولم يَنْسَخْهَا شيء.
وذهب أهل السُّنَّة إلى أن قَاتِل المُسْلِم عَمْداً توبته مَقْبُولة؛ لقوله - تعالى - ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً﴾ [طه: ٨٢]، وقال: ﴿إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ﴾ [النساء: ٤٨]، وما رُوي عن ابن عبَّاسٍ؛ فهو تَشديد ومُبَالغَة في الزَّجْرِ عن القَتْلِ، وليس في الآيَة متعلِّق لمن يَقُول بالتَّخْليد في النَّار بارتكاب الكبائر؛ لأن الآية نزلَتْ في قَاتِل [وهو] كَافِرٌ، وهو مقيس بن صبابة، وقيل: إنَّه وعيد لمن قَتَل كافراً مُخَلّداً في النَّارِ.
حكي أنَّ عمرو بن عُبَيْد جاء إلى عمرو بن العَلاءِ، فقال: هل يُخْلِف الله وعده؟ فقال: لا، فقال: ألَيْسَ قد قال - تعالى -: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا﴾ فقال أبو عَمْرو: من العَجَم أتَيْت يا أبا عُثْمان: إن العرب لا تَعُدُّ الإخلاف في الوعيد خُلْفاً وذمَّا وإنَّما تَعُدُّ إخلاف الوَعْد خُلْفاً، وأنشد [شعراً] :[الطويل]
١٨٦٤ - وأنَّي مَتَى أوْعَدْتُهُ أوْ وَعَدْتُهُ | لَمُخْلِفُ إيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدي |