أحدهما: أنها متعلقة بنفس الفعل على أنها باء التعدية؟
الثاني: أنها تتعلَّق بمحذوف، على أنَّها حال من الضمير في «انقلبوا» والباء على هذه المصاحبة، كأنه قيل: فانقلبوا ملتبسين بنعمة ومصاحبين لها. والتقدير: وخرجوا فانقلبوا، وحذف الخروجُ؛ لأن الانقلابَ يدل عليه، كقول: ﴿أَنِ اضرب بِّعَصَاكَ البحر فانفلق﴾ [الشعراء: ٦٣] أي: فضرب فتنفلق ومعنى الآية: «فانقلبوا» بعافية، لم يلقوا عدواً «وفضل» تجارة وربح، وهو ما أصابوا من السوق.
قوله: ﴿لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سواء﴾ هذه الجملة في محل نصب على الحال - أيضاً - وفي ذي الحال وجهان:
أحدهما: أنه فاعل «انقلبوا» أي: انقلبوا سالمين من السوء.
الثاني: أنه الضمير المستكن في «بنعمة» إذا كانت حالاً، والتقدير: فانقلبوا منعَّمينَ بريئينَ من السوء. والعاملُ فيها: العامل في بنعمة فهما حالان متداخلان، والحال إذا وقعت مضارعاً منفياً ب «لم» وفيها ضمير ذي الحال جاز دخول الواو وعدمه فمن الأول قوله تعالى: ﴿أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ﴾ [الأنعام: ٩٣] وقول كعب: [البسيط]
١٦٩١ - لا تَأخُذَنِّي بِأقْوالِ الوُشَاةِ وَلَمْ | أذْنِبْ وَلَوْ كَثُرَتْ فِيَّ الأقَاوِيلُ |
١٦٩٢ - وَأضْرِبُ الْقَوْنَسَ يَوْمَ الْوَغَى | بِالسَّيْفِ لَمْ يَقْصُرْ بِهِ بَاعِي |
قوله: ﴿واتبعوا﴾ يجوز في هذه الجملة وجهانِ:
الأول: أنا عطف على «انقلبوا».
الثاني: أنها حال من فاعل «انقلبوا» - أيضاً - ويكون على إضمار «قد» أي: وقد اتبعوا.
فصل
قال القرطبيُّ: «وقد اختلف العلماء في زيادة الإيمان ونُقْصانه على أقوال، والعقيدة في هذا على أن نفس الإيمان - الذي هو تاج - واحدٌ، وتصديق واحد بشيء ما إنما هو