البَرِيءِ بَهْتٌ له، يقال: بَهَتَهُ بَهْتاً وَبُهْتَاناً، إذا قَالَ عَنْه ما لم يَقُل، وهو بَهَّاتٌ، والمَفْعُول له: مَبْهُوتٌ، ويُقَال: بَهِتَ الرَّجُل بالكَسْر، إذا دُهشَ وتَحَيَّر، وبَهُتَ بالضَّمِّ مثله، وأفْصَحُ منها: بُهِتَ؛ كقوله - تعالى -: ﴿فَبُهِتَ الذي كَفَرَ﴾ [البقرة: ٢٥٨] لأنَّه يُقَال: رَجُل مَبْهُوتٌ، ولا يُقَال: باهِت، ولا بَهِيتٌ؛ قال الكسائي، و» إثْماً مُبِيناً «أي: ذَنباً بَيِّناً.
قال القُرْطُبِي: ما بَعْد «لَوْلاَ» مرفوعٌ بالابْتِدَاء عند سِيبَويْه، والخَبَر مَحْذُوف لا يَظْهَر، والمَعْنَى: ولولا فَضْلُ اللَّه عَليكَ ورَحْمَتُه بأن نبَّهك على الحَقِّ، وقيل: بالنُّبُوءة والعِصْمَة، ﴿لَهَمَّتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ﴾ عن الحق.
قال شهاب الدين: في جواب «لولا» وجهان:
أظهَرُهُمَا: أنه مَذْكُورٌ، وهو قوله: «لَهَمَّتْ».
والثاني: أنه مَحْذُوفٌ، أي: لأضلُّوك، ثم اسْتأنَفَ جُمْلة فقال: «لَهَمَّتْ» أي: لقد هَمَّتْ.
قال أبو البقاء في هذا الوَجْه، ومثلُ حذفِ الجَوابِ هنا حَذْفُه في قوله: ﴿وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ الله تَوَّابٌ حَكِيمٌ﴾ [النور: ١٠] وكأنَّ الذي قَدَّر الجوابَ مَحْذُوفاً، استشكل كَوْنَ قوله: «لهمتْ» جواباً؛ لأنَّ اللَّفْظ يقتضي انْتِفَاء هَمِّهم بذلك، والغرضُ: أنَّ الواقع كوْنُهم همُّوا على ما يُرْوَى في القصَّة؛ فلذلك قدَّره مَحْذُوفاً، والذي جَعَلَه مثبتاً، أجَابَ عن ذلك بأحَدِ وَجْهَيْن:
إمَّا بتَخْصيص الهَمِّ، أي: لَهَمَّتْ هَمّاً يؤثِّر عندك.
وإمَّا بتخصيص الإضْلال، أي: يُضِلُّوك عن دينك وشريعتك، وكلا هذيْن الهمَّيْن لم يقع.
و «أَن يضلُّوك» على حَذْف الباء، أي: بأن يُضِلُّوك، ففي مَحَلِّها الخِلافُ المَشْهُور، و «مِنْ» في «مِنْ شَيء» زائدةٌ، و «شَيْء» يراد به المَصْدرُ، أي: وما يَضُرُّونك ضَرَراً قليلاً، ولا كثيراً.
فصل
هذا قول للنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ لَوْلا أن خَصَّكَ الله بالنُّبُوَّة والرَّحمة، «لهمت طائفة» : لقد