وإن قلنا: المراد بالبهيمة شيء، والأنعام شيء آخر، ففيه وجهان:
أحدهما: أن المراد من بهيمة الأنعام الظباء وبقر الوحش ونحوها، كأنهم أرادوا ما يماثل الأنعام، ويدانيها من جنس البهائم في الاجترار، فأضيف الاجترار إلى الأنعام لحصول المشابهة.
والثاني: أن المراد ببهيمة الأنعام أجنة الأنعام، روي عن ابن عباس [- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -] أن بقرة ذبحت، فوجد في بطنها جنين، فأخذ ابن عباس بذنبه، وقال: هذا من بهيمة الأنعام.
وعن ابن عمر أنها أجنة الأنعام، وذكاته ذكاة أمه، ومثله عن الشعبي.
وذهب أكثر اهل العلم إلى تحليله؛ لما روى أبو سعيد، «قال: قلنا: يا رسول الله:» نَنْحَرُ الناقة، ونذبح البقرة والشاة، فنجد في بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكله «؟ قال:» كُلُوهُ إنْ شِئْتُمْ، فإنَّ ذكاتَه ذكاة أمِّهِ «وشرط بعضهم الإشعار.
فإن قيل: لو قال: أحلت لكم الأنعام، لكان الكلام تاماً؛ كقوله تعالى في آية أخرى: ﴿وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأنعام﴾ [الحج: ٣٠] فما فائدة زيادة لفظ» البهيمة «هنا؟
[الجواب: إن قلنا: إن بهيمة الأنعام هي الأجنة] فالجواب: ما تقدم من الإضافة، أعني إضافة بهيمة الأنعام.
فإن قيل: لِمَ أفرد» البهيمة «وجمع لفظ» الأنعام «؟
فالجواب: إرادة للجنس.
فصل في الرد على شبهة الثنوية
قالت الثنوية: ذبح الحيوان إيلامٌ، والإيلام قبيح، والقبيح لا يرضى به الإله الرحيم الحكيم، فيمتنع أن يكون الذبح حلالاً مباحاً بحكم الله، وتحقيق ذلك أن هذه الحيوانات ليس لها قدرة على الدفع عن أنفسها، ولا لها لسان تحتج به على من