[و] قوله: ﴿وَمَن يَفْعَلْ ذلك﴾ أي: هذه الأشْيَاء، ﴿ابتغآء مَرْضَاتِ الله﴾ أي: طَلَب رِضَاه، و «ابْتِغَاء» مَفْعُول من أجْله، وألِفُ «مَرْضَاتِ» عن وَاوٍ، وقد تقدَّم تَحْقِيقُه.
فإن قِيلَ: كَيْف قال: ﴿إِلاَّ مَنْ أَمَرَ﴾ ثم قال: ﴿وَمَن يَفْعَلْ ذلك﴾.
فالجواب: أنَّه ذكر الأمْرَ بالخير، ليَدُل به على فَاعِلِه؛ لأنَّ الآمِرَ بالخَيْر لما دَخَل في زُمْرَة الخَيِّرين، فبأن يَدْخل فَاعِل الخَيْر فيهم أوْلى، ويجوز أن يُرَاد: ومن يأمُر بذلك، فعبر عن الأمْر بالفعل؛ لأنَّ الأمْر أيضاً فِعْل من الأفعال.
ثم قال: «فسوف يُؤتيه» بالياء نظراً إلى الاسْمِ الظَّاهر في قوله: «مَرْضَات الله»، وقرئ بالنُّون؛ نظراً لِقَوله بعدُ: «نُولِّه، ونُصْلِه» وهو أوقعُ للتَّعْظِيم.
تقدّم في آل عمران أن المُضَارعَ المَجْزُوم، والأمْرَ من نحو: «لم يَرْدُدْ» و «رَدَّ» يجُوزُ فيه الإدغامُ وتركُه، على تَفْصيلٍ في ذلك وما فيه من اللُّغَات وتقدم الكلام في المَشَاقَّةِ والشِّقَاقِ في البقرة، وكذلك حُكمُ الهَاء في قوله: «نُؤته» و «نُصْلِه».
وهذه الآيَة [نَزَلَتْ] في طعمة بن أبَيْرِق، وذلك أنَّه لمَّا ظهرت عليه السَّرِقَةُ، خاف على نَفْسِهِ من قَطْع اليد والفضيحة، فهربَ مرتَدّاً إلى مَكَّة.
فقال - تعالى -: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرسول﴾ أي: يُخَالِفُه، ﴿مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهدى﴾ : من التَّوحيد والحُدُودِ، ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المؤمنين﴾ أي: غير طَرِيق المُؤمِنِين، ﴿ [نُوَلِّهِ] مَا تولى﴾ أي: نَكِلُه [فِي الآخِرَة] إلى مَا تولَّى في الدُّنيا ﴿وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً﴾ فانْتَصب مَصِيراً على التَّمْيِيز؛ كقولهم: «فُلانٌ طَابَ نَفْساً».
رُوِيَ أن طعمة نَزَل على رَجُل من بني سليم من أهْل مكَّة، يُقال له: الحجَّاج بْن علاط، فَنَقب [بَيْتَ الحَجَّاج، لِيَسْرِقَه،] فسقط عليه حَجَرٌ فلم يَسْتَطِع أن يَدْخُل، ولا أن