والثاني: أنَّهُ العظم النّاتئ في وجه القَدَمِ، حيث يجتمع شراك النَّعْلِ، ومراد الآية هو الأوَّل.
والكَعْبَةُ، كُلُّ بيت مُرَبَّع، وسيأتي [بيانه] في موضعه إن شاء الله - تعالى -.
فصل
قد تقدَّم كلام النُّحاة في الآية.
وقال المُفَسِّرون: من قرأ بالنصْب على تقدير: «فاغْسِلُوا وجوهكم، وأيديكم، واغسلوا أرجلكم» ومن قرأ بالجرِّ فذهب بعضهم إلى أنَّه يمسح على الرجلين.
روي عن ابن عباس أنَّه قال: «الوُضُوء غَسْلتَانِ وَمَسْحَتَانِ»، ويروى ذلك عن عكرمة وقتادةَ.
قال الشَّعبيُّ: نزل جبريل بالمسحِ، وقال: ألا ترى التيمُّمَ ما كان غسلاً، ويلقى ما كان مسحاً.
وقال مُحَمَّدُ بْنُ جرير: يتخيرُ المتوضئ بين المسح على الخفين وبين غسل الرجلين، وذهب جماعةُ من أهل العلم من الصحابَةِ والتابعين وغيرهم إلى وجوب غسل الرجلين، وقالوا: خفض اللام في الأرجل على مجاورة اللفظ لا على موافقة الحكم كقوله: ﴿عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ﴾ [هود: ٢٦]، فالأليم صفة العذاب، ولكنَّه جرّ للمجاورة كقولهم: «جُحْرُ ضَبٍّ خَرِب». ويدلُّ على وجوب غسل الرِّجلين ما روى عبد الله بن عمرو، قال: «تخلفَ عنا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في سفر سافرناهُ، فأدركناه وقد راهقتنا صلاة العصر ونحن نتوضّأ، فجعلنا نمسحُ على أرْجُلِنَا، فَنَادَانَا بأعلى صوته:» وَيْلٌ للأعْقَابِ مِنَ النَّار «.
والأحاديثُ الواردة في صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كثيرة، وكلهم وصفوا غسل الرجلين.