مُضِلٌّ، مع أنه بالإجْمَاعِ لا يَقْدِر على خلق الضَّلال.
والجواب: أن هذا كلامُ إبليس، فلا يكون حُجَّةً، وأيضاً: فكلامه في هذه المسألة مُضْطَرِبٌ جِدّاً. فتارةً يَمِيل إلى القَدَرِ المَحْض، وهو قوله: «لأغويَنَّهُم» وأخرى إلى الجبْرِ المَحْضِ، وهو قوله: ﴿رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي﴾ [الحجر: ٣٩] يَعْني: أنه قال هؤلاء الكُفَّار: نحن أغْويْنَا، فمن الذي أغْوَانا عن الدِّين؟ فلا بُدَّ من انْتِهَاء الكلِّ في الآخِرة إلى اللَّه.
قوله: «ولأمَنِّيَنَّهُم» قيل: أمَنِّينَّهُم ركوب الأهْوَاء.
وقيل: أمَنِّيَنَّهُم إدْرَاك الآخِرَة مع ركوب المَعَاصِي.
قوله: ﴿وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأنعام﴾ أي: يَقْطَعُونها، ويَشقُّونها، وهي البَحِيرة، والبتكُ: القَطْعُ والشّقُّ، والبِتْكَة: القطعة من الشيء، جَمْعُها: بِتَك، قال: [البسيط]
١٨٧٨ - حَتَّى إذَا مَا هَوَتْ كَفُّ الغُلاَمِ لَهَا | طَارَتْ وَفِي كَفِّهِ مِنْ رِيشِهَا بِتَكُ |
قوله: ﴿وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ الله﴾ هذه اللاَّمات كلها للقَسَم.
قال ابن عبَّاسٍ: والحَسَن [ومُجَاهِدٌ] وسعيد بن جُبَيْر، وسَعِيد بن المسيَّب والسُّدِّي، والضَّحاك، والنَّخْعِيُ: دِينُ الله، كقوله ﴿لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله﴾ [الروم: ٣٠] أي: لدين اللَّه، وفي تَفْسير هذا القَوْل وَجْهَان: