الوَجْه؛ لأن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - «نهى عن الضَّرْب في الوَجْه وعن الوَشْم في الوجْهِ»، ورُوي عن أنس، وشهر بن حَوْشَب، وعِكْرِمَة، وأبِي صالح: التَّغْيير هَهُنَا هو الإخْصَاء، وقطع الآذان، وفَقْأ العُيُون؛ لأن فيه تَعْذِيب للحَيَوان، وتَحْريم وتَحْلِيل بغير دليلٍ، والآذَان في الأنْعَام جمالٌ ومَنْفَعة، وكذلِك غيرها من الأعْضَاء، فَحَرّم عليهم الشَّيْطَان ما أحلَّه اللَّه لهم، وأمرَهُم أن يشركوا باللَّه ما لم يُنَزِّل به سُلْطَاناً، ولما كان هذا من فِعْل الشَّيْطَان، أمرنا رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أن نستشرف العَيْن والأذُن، ولا نُضَحِّي بَعْورَاءَ، ولا مُقَابَلة، ولا مُدَابرة؛ ولهذا كان أنَس يكره إخْصَاء الغَنَم، وحرمه بَعْضُهم.
قال القُرْطُبِي: فأما خِصاء الآدمِيِّ، فمصيبَةٌ، فإنَّه إذا خُصِي، بَطَل قلبه وقُوَّته، عَكْس الحَيَوان، وانْقَطع نَسْلُه المأمُور به في قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: «تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا» ثم إن فيه ألَماً عَظِيماً، ربما يُفْضِي بَصَاحِبهِ إلى الهلاكِ، فيكون [فيه] تضْييع مالٍ، وإذْهَابُ تَفْسٍ، وكل ذلك مَنْهِيٌّ عنه، ثم هذه مُثْلَةٌ، وقد نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن المُثْلَةِ، وجوَّز بَعْضُهم


الصفحة التالية
Icon