ولما فرغ من الوعيد، أتبعه بذكر الوَعْد.
يجوز في ﴿والذين آمَنُواْ﴾ : وجهان:
الرفع على الابتداءِ، والخبر: «سَنُدْخِلُهم».
والنَّصْبُ على الاشْتِغَال، أي: سَنُدْخِل الذين آمَنُوا سَنُدخِلهم، وقرئ: «سيُدْخِلُهم» بياء الغيبة.
واعلم: أنه - تعالى - في أكْثَر آيَاتِ الوَعْدِ ذَكَرَ ﴿خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً﴾ ولو كان الخلودُ يفيد التأبيدَ والدوامَ، لزم التكْرَار وهو خلافُ الأصْل، فعلمنا أن الخُلُود عبارة عن طول المُكْثِ لا عن الدَّوَام، وأما في آيات الوَعِيد، فإنه يذكُر الخُلُودَ، ولم يذكُرِ التَّأبِيدَ إلاَّ في حَقِّ الكفارِ، وذلك يَدلُّ على أن عِقابَ الفساقِ منقطعٌ.
قوله: ﴿وَعْدَ الله حَقّاً﴾ هما مَصْدَران، الأول مُؤكِّد لنفسه؛ كأنه قال وَعَد وَعْداً، وهو قوله: «سندخلهم» و «حقَّاً» : مصدر مؤكِّد لغيره، وهو قوله: «وَعْد اللَّه» أي: حُقَّ ذلك حَقّاً.
قوله: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله قِيلاً﴾ وهو توكيد ثَالثٌ، و «قيلاً» : نَصْبٌ على التَّمْييز، والقِيلُ، والقَوْل، والقَالُ، مَصَادِرٌ بمعنًى واحدٍ؛ ومنه قوله - تعالى -: ﴿وَقِيلِهِ يارب﴾ [الزخرف: ٨٨].
وقال ابن السِّكِّيت: القِيلُ والقَالُ: اسمَان لا مَصْدَران، وفِائِدَة هذه التَّوْكِيدَات: معارضةُ ما ذَكَرَهُ الشَّيْطَان من المواعيد الكَاذِبَة والأماني الباطِلَةِ، والتنْبِيهُ على أن وَعْدَ اللَّه أولى بالقُبُول، وأحقُّ بالتَّصْدِيق من قوْلِ الشَّيْطَان.
وقرأ حَمْزة، والكَسَائِيُّ: بإشْمَام الصَّادِ، وكل صاد سَاكِنة بَعْدَها دال في القُرْآن.
قرأ أبو جَعْفَر المَدَنِي ﴿ [لَّيْسَ] بِأَمَانِيِّكُمْ ولاا أَمَانِيِّ﴾ بتخفيف الياء فيهما جميعاً،